Home > Work > غاية الحياة
1 " ليس النبيل من ورث نسبًا ومالًا فاستخفَّ بالناس والأشياء اتكالًا على وراثته،بل النبيل من خلق نفسه، وما زال بها كلَّ يوم يجددها بعمله ليخلف للمستقبل ثمرةمجهوداته، النبيل من لا ينتظر« البخت » و « الحظ » و « الظروف »تلك الكلمات التي يتمحل، بها الذليل الخامل، بل ينتهز الفرص ليجعلها صفحاتٍ جليلةً في كتاب عمره. وما الأيام والساعات سوى فرص ثمينة للنابه يستخرج منها العجائب. "
― مي زيادة , غاية الحياة
2 " ليست الصعوبة في المجاهدة لنيل غاية عزيزة، وإنما الصعوبة الموجعة على الرجل والمرأة معًا في عدم وجود الغاية، أوجع شيء للمرأة أن تكون مبهمةَ المطالب، والمستقبل أمامها صفحة خاوية خالية ليس فيها بارقة أملٍ ولا كلمة عزاء. كثيرات هنَّ التعبات اللاتي وقعن فريسة ذلك الشلل المعنويِّ، مولِّد المجازفة والانحطاط الذي يدعى: السآمةَ، فيجرين هنا وهناك هربًا منه مخاطِرات بما وجب صونه، ناسيات ما عليهنَّ أن يذكرنه، ومنهن من لا تطيق البقاء يومًا واحدًا بلا زيارات واستقبالات وأحاديث جارات وخالات وعمات، كأنها تخاف الاختلاء ومقابلة نفسها وجهًا لوجه فتفقد بذلك أعظم تعزيةٍ وأعظمأمثولة في الحياة، وإن أحسنت القراءة دفنت سآمتها في الروايات دون أن تفقه ما فيها من مغزًى اجتماعيٍّ أو أخلاقيٍّ، مكتفيةً بتتبع الصلة الغرامية والاستسلام إلى ما يُبديه أبطالُ الرواية من انفعالٍ اصطناعيٍّ مضخَّمٍ، جاهلةً أنها بتطلب ذلك التحريض القهريِّ تُطفئ نور ذهنها وتُضعف من نفسها جميعَ القوى حتى قوة الحب الذي ينتقم من مُهينيه ومُزيفيه انتقامًا صارمًا. "
3 " لا بدَّ لكلِّ قلبٍ من فراغٍ لا يُملأ ومن حاجة لا تسد؛ ولأن النفس البشرية تشبه بركة الماء مهما راقت صفحتها وتلألأ سطحها حرِّكها قليلًا تتعكر وتكفهر بما ركد في أعماقها من الأوحال، وفي أعماق كلِّ نفس آلامٌ ثاوية، وتَذكارات جاثمة، وجراح صديدة اندمل بعضها على فسادٍ، يكفي أن تلمسها يد أو إشارة لتمضَّها الأوجاع فتعمد إلى الاستغاثة والأنين. "
4 " إن السعادة غاية الجميع، أما السبيل إليها فمختلف باختلاف الطبائع. "
5 " ماذا أكسبني جهاد الأعوام الغابرات، وإلى أين أوصلني ذلك الجهاد الطويل؟ ماذا جنيت من الكد والتجلُّد والرجاء، وبعد دموع أرسلتها وأخرى أمسكتها، وزفرات أطلقتها وأخرى كتمتها؟ أراضٍ أنا عن نفسي وعن غيري؟! أم أنا كلَّما خطوت خطوة إلى الأمام تقهقرت إلى الوراء خطوتين؟ أم أنا كنت أعلل النفس بشيءٍ فلما صار لي وجدته شيئًا آخر؟ أم أنَّ ما كان يبدو لي حقيقةً محسوسةً إنما هو خداع فتَّان كلَّما جريت نحوه ملتمسًا، ودنوت منه مستعطفًا، ارتدَّ وتباعد كما يرتدُّ ويتباعد السراب في الصحراء، وعدت أنا إلى عذاب محتوم واصطبار جميل؟ غايتي من الحياة السعادة، فهل أنا سعيد؟» "
6 " ليست الصعوبة في المجاهدة لنيل غاية عزيزة، وإنما الصعوبة الموجعة على الرجل والمرأة معًا في عدم وجود الغاية، أوجع شيء للمرأة أن تكون مبهمةَ المطالب، والمستقبل أمامها صفحة خاوية خالية ليس فيها بارقة أملٍ ولا كلمة عزاء. "
7 " الذي يحب كثيرًا يفهم كثيرًا؛ لأن الحبَّ أستاذ ساحر، نتعلم منه بسرعة، ويفتح لنا رحب الآفاق، "
8 " ليس النبيل من ورث نسبًا ومالًا فاستخفَّ بالناس والأشياء اتكالًا على وراثته، بل النبيل من خلق نفسه، وما زال بها كلَّ يوم يجددها بعمله ليخلف للمستقبل ثمرة مجهوداته، النبيل من لا ينتظر «الظروف» و«الحظ» و«البخت» تلك الكلمات التي يتمحل بها الذليل الخامل، بل ينتهز الفرص ليجعلها صفحاتٍ جليلةً في كتاب عمره. وما الأيام والساعات سوى فرص ثمينة للنابه يستخرج منها العجائب. "
9 " نحن نعرف بعض الأسباب الطبيعية في الخليقة وما يترتب عليها من النتائج، ولكن لماذا تعمل تلك الأسباب، وما غاية هذه النتائج، وإلى أين يقودنا هذا الوجود وهذا الفناء؟ لغز رائع لا يحلُّه الإنسان مهما ارتقى علمًا وفضلًا وإخلاصًا. "
10 " وأين أنا الآن من ضالتي المنشودة؟ ماذا أكسبني جهاد الأعوام الغابرات، وإلى أين أوصلني ذلك الجهاد الطويل؟ ماذا جنيت من الكد والتجلُّد والرجاء، وبعد دموع أرسلتها وأخرى أمسكتها، وزفرات أطلقتها وأخرى كتمتها؟ أراضٍ أنا عن نفسي وعن غيري؟! أم أنا كلَّما خطوت خطوة إلى الأمام تقهقرت إلى الوراء خطوتين؟ "
11 " لأنه لا بدَّ لكلِّ قلبٍ من فراغٍ لا يُملأ ومن حاجة لا تسد؛ ولأن النفس البشرية تشبه بركة الماء مهما راقت صفحتها وتلألأ سطحها حرِّكها قليلًا تتعكر وتكفهر بما ركد في أعماقها من الأوحال، وفي أعماق كلِّ نفس آلامٌ ثاوية، وتَذكارات جاثمة، وجراح صديدة اندمل بعضها على فسادٍ، يكفي أن تلمسها يد أو إشارة لتمضَّها الأوجاع فتعمد إلى الاستغاثة والأنين. "
12 " لا تعقله وتبقى دونه مهارةً ومقاومةً، وإن جمحت يومًا وفتكت به ساعةَ غضبٍ عُنْجُهيٍّ، فتلك طوارئ عاديات، كالصواعق والفيضان والطوفان والأوبئة التي لا تدوم غير وقت ما، ولَسرعان ما يهبُّ لمقاتلتها واختراع ما "
13 " العنصرية ولا يعيشها مرغمًا بل سعيدًا، مدبِّرًا، مختارًا، وهو فوق ذلك يخلق لنفسه غاياتٍ قوميةً وسياسيةً وفكريةً وقلبيةً جمَّة، تتسابق إلى تحقيق غاية قصوى يوجِّه نحوها مجهوداته، ويجمع أعمالَه في شبه قناةٍ حيوية تنتهي إلى "
14 " ولكن للإنسان وحدَه قوة التمييز والمقارنة والاستنتاج والإبداع في أتم أنواعها الممكنة. له وحده حرية الانتقال من جهة إلى جهة، والتفكير فيما شاء، وتنفيذ ما أراد. له وحده أن يتصرَّف بالموجودات التي يعقلها ويعالجها ويستخدمها لحاجته، وهي تعنو له صاغرة؛ لأنها لا تعقله وتبقى دونه مهارةً ومقاومةً، وإن جمحت يومًا وفتكت به ساعةَ غضبٍ عُنْجُهيٍّ، "
15 " عند هذه الكلمة «كعبة الآمال» المرادفة لموضوعنا «غاية الحياة» يقف كلُّ قلبٍ ويزفر زفرةً حارةً؛ إذ يتساءل: «وما غايتي من الحياة؟ أأعرفها أنا؟ وهل تشعر هي أو تبالي بوجودي؟ ما هي يا ترى؟ "