Home > Work > في أحضان الكتب

في أحضان الكتب QUOTES

11 " أكبر عدو نواجهه هذه الأيام، ألا وهو الخوف، الذي يقول عنه يان مارتل: « أود قول شيء عن الخوف، إنه خصم الحياة الوحيد، وحده الخوف يمكن أن يهزم الحياة، إنه عدو ذكي وغدار، لكم أعرف ذلك، إنه عدو يتمتع باللياقة، ولا يحترم قانونا أو ميثاقا، ولا يرحم، إنه ينقضُّ على نقاط ضعفك، التي لا يجد صعوبة في رصدها، يبدأ دائما من عقلك، في لحظة تكون شاعرا بالهدوء، والتحكم بالنفس والسعادة ثم يأتي الشك متنكرا في هيئة شكوك صغيرة، ويتسلل إلى عقلك كجاسوس، الشك يلتقي باللاتصديق واللا تصديق يحاول طرد الشك، لكن اللا تصديق هو جندي مشاة يفتقر إلى العتاد المناسب، الشك يقضي عليه بسهولة، يستحوذ عليك القلق، فيتقدم العقل ليحارب عنك، تستعيد ثقتك بنفسك، لأن العقل مسلح بأحدث الأسلحة، لكن لذهولك ورغم التكتيكات المتفوقة وبعض الانتصارات التي حققتها، فسرعان مايهزم عقلك، يتسلل الوهن إليك، تتذبذب، يتضخم قلقك إلى حدود مروعة، ثم ينتقل الخوف إلى جسمك المدرك سلفا بأن هناك أمرا جللا يجري، تُحَلِّق رئتاك كطائر، وتتلوى أمعاءك كأفعى، الآن يموت لسانك كالأبوسوم، فيما يبدأ فكك بالاصطكاك، تصم أذناك وتروح عضلاتك ترتعش كمصاب بالملاريا، وترتعد ركبتاك كما لو أنهما ترقصان، ينخطف قلبك بقوة، بينما ترتخي عضلتك العاصرة كثيرا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى سائر أعضاء جسمك، كل عضو فيك يتداعى على طريقته، فقط عيناك تظلان تعملان جيدا، إنهما دائمتا التنبه إلى الخوف، تتخذ قرارات متسرعة، تطرد آخر حليفين لك، الأمل والثقة، هكذا تكون هزمت نفسك بنفسك، يكون الخوف الذي ليس أكثر من تعبير قد انتصر عليك، يصعب الشرح بالكلمات، ذلك أن الخوف، الخوف الحقيقي ذاك الذي يهز أساس وجودك، ذلك الذي يعتريك وأنت تواجه فناءك يعيش في ذاكرتك، كالغرغرينا يفسد كل شيء، بما في ذلك الكلمات التي تحاول وصفه، لذا عليك أن تكافح لتعبر عنه، عليك أن تكافح لتجعل ضوء الكلمات يشع عليه، لأنك مالم تفعل ذلك، ما لم تحول خوفك إلى عتمة لا تخشى فيها الكلمات، وتنجح ربما في نسيانها، فإنك تعرض نفسك إلى غارات أخرى من الخوف، لأنك منذ اللحظة الأولى لم تحارب حقا الخصم الذي هزمك سلفا». "

بلال فضل Belal Fadl , في أحضان الكتب