Home > Work > في ظلال القرآن #1
1 " إن الكلمة لتنبعث ميتة وتصل هامدة مهما تكن طنانة رنانة متحمسة إذا هي لم تنبعث من قلب يؤمن بها ولن يؤمن إنسان بما يقول حقا إلا أن يستحيل هو ترجمة حية لما يقول وتجسيما واقعيا لما ينطق ...عندئذ يؤمن الناس ويثق الناس ولو لم يكن في تلك الكلمة طنين ولا بريق .. إنها حينئذ تستمد قوتها من واقعها لا من رنينها ، وتستمد جمالها من صدقها لا من بريقها .. إنها تستحيل يومئذ دفعة حياة، لإنها منبثقة من حياة ... "
― Sayed Qutb , في ظلال القرآن #1
2 " (بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ). و(من أسلم وجهه لله وهو محسن) فأخلص ذاته كلها لله، و وجه مشاعره كلها إليه، وخلص لله في مقابل خلوص الآخر للخطيئة.. (من أسلم وجهه لله) .. هنا تبرز سمة الإسلام الأولى: إسلام الوجه - الوجه رمز على الكل- ولفظ أسلم يعني الاستسلام والتسليم: (وهو محسن) .. فسمة الاسلام هي الوحدة بين الشعور والسلوك، بين العقيدة والعمل ، بين الإيمان القلبي والإحسان العملي .. بذلك تستحيل العقيدة منهجاً للحياة كلها، وبذلك تتوحد الشخصية الانسانية بكل نشاطها واتجاهاتها، وبذلك يستحق المؤمن هذا العطاء كله: (فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) . "
3 " الفرد الفاني مالم يتصل بالقوة الخالدة ضعيف مهما كانت قوته، لإن قوى الشر والطغيان والإغواء أكبر منه وقد يغالبها مرة ومرة ومرة..ولكن لحظة ضعف تنتابه فيتخاذل ويتهاوى، ويخسر ماضيه وحاضره ومستقبله، فأما وهو يركن إلى قوة الأزل والأبد فهو قوي قوي..أقوى من كل قوي. قوي على شهوته وضعفه .. قوي على ضروراته واضطراراته. قوي على ذي القوة الذين يواجهونه .. "
4 " إنه لابد للفرد الفاني الضعيف المحدود أن يتصل بالقوة الكبرى، يستمد منها العون حين يتجاوز الجهد قواه المحدودة. حينما تواجهه قوى الشر الباطنة و الظاهرة. حينما يثقل عليه جهد الإستقامة على الطريق بين دفع الشهوات و إغراء المطامع، و حينما تثقل عليه مجاهدة الطغيان و الفساد و هي عنيفة. حينما يطول به الطريق و تبعد به الشُقة في عمره المحدود، ثم ينظر فإذا هو لم يبلغ شيئاً و قد أوشك على المغيب، و لم ينل شيئاً و شمس العمر تميل للغروب. حينما يجد الشر نافشاً و الخير ضاوياً، و لا شعاع في الأفق و لا معلم في الطريق..هنا تبدو قيمة الطلاة.. إنها الصلة المباشرة بين الإنسان الفاني و القوة الباقية. إنها الموعد المختار لالتقاء القطرة المنعزلة بالنبع الذي لا يغيض. إنها مفتاح الكنز الذي يغني و يقني و يفيض. إنها الإنطلاقة من حدود الواقع الأرضي الصغير إلى مجال الواقع الكوني الكبير. إنها الروح و الندى و الظلال في الهاجرة، إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود.. و من هنا كان رسول الله ﷺ إذا كان في الشدة قال: "أرحنا بها يا بلال".. و يكثر من الصلاة إذا حزبه أمر ليكثر من اللقاء بالله "
5 " اتقوا الله - كما يحق له أن يُتَّقى - و هي هكذا بدون تحديد تدع القلب مجتهداً في بلوغها كما يتصورها و كما يطيقها. و كلما أوغل القلب في هذا الطريق تكشَّفت له آفاق، و جدّت له أشواق. و كلما اقترب بتقواه من الله، تيقظ شوقه إلى مقام أرفع مما بلغ، و إلى مرتبة وراء ما ارتقى. و تطلع إلى المقام الذي يستيقظ فيه قلبه فلا ينام ! "
6 " والموت غيب لا يدري إنسان متى يدركه. فمن أراد ألا يموت إلا مُسلماً فسبيله أن يكون منذ اللحظة مسلماً. و أن يكون في كل لحظة مسلماً "
7 " إن الإيمان بالحياة الآخرة نعمة. نعمة يفيضها الإيمان على القلب. نعمة يهبها الله للفرد الفاني العاني المحدود الأجل الواسع الأمل و ما يُغلق أحد على نفسه هذا المنفذ إلى الخلود إلا و حقيقة الحياة في روحه ناقصة أو مطموسة. فالإيمان بالآخرة - فوق أنه إيمان بعدل الله المطلق و جزائه الأوفى- هو ذاته دلالة على فيض النفس بالحيوية و على امتلاء بالحياة لا يقف عند حدود الأرض، إنما يتجاوزها إلى البقاء الطليق الذي لا يعلم إلا الله مداه و إلى المرتقى السامي الذي يتجه صعداً إلى جوار الله "