Home > Work > مختصر إحياء علوم الدين
1 " والغرور أن يعتقد الشيء على خلاف ما هو به. فمن المغترين من غره ظنه الفاسد بأن الحياة الدنيا يقين ، والآخرة شك. وهؤلاء هم الكفار ، فإيمانهم تارة يحصل بعلة ، وتارة ببرهان ودليل ، وتارة بتقليد! "
― Abu Hamid al-Ghazali , مختصر إحياء علوم الدين
2 " اعلم أن التوبة عبارة عن معنى ينتظم من ثلاثة أمور : علم ، وحال ، وفعل .فأما العلم فهو معرفة ضرر الذنوب وكونها حجاباً بين العبد وبين كل محبوب ، فإذا وجدت هذه المعرفة ثار منها حال في القلب ، وهي التألم بخوف وفات المحبوب ، وهو الندم ، وباستيلائه يثور إرادة التوبة وتلافي ما مضى ، فالتوبة ترك الذنب في الحال ، والعزم على أن لا يعود ، وتلافي ما مضى ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( الندم توبة ) ، إذ الندم يكون بعد العلم كما ذكرنا . "
3 " ومن الناس من غرهم كرم الله ورحمته ، ولكن جميع آي القرآن دالة على أن كرمه ورحمته بأن يوفق في الدنيا للخيرات ، قال تعالى: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، وقال تعالى: فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام. ثم هلا اعتمد على كرمه في الرزق؟! فإذا أُمر بالتوكل على الله والتعويل على كرمه في الرزق لا يفعل ، وإذا أُمر بالعمل للآخرة يتوكل ، وهذا غاية الانعكاس! "
4 " والجملة الجامعة فيه أن لا تستصغر منهم أحداً حياً كان أو ميتاً فتهلك لأنك لا تدري لعله خير منك، فإنه وإن كان فاسقاً فلعله يختم لك بمثل حاله ويختم له بالصلاح، ولا تنظر إليهم بعين التعظيم لهم في حال دنياهم فإن الدنيا صغيرة عند الله صغير ما فيها. ومهما عظم أهل الدنيا في نفسك فقد عظمت الدنيا فتسقط من عين الله. ولا تبذل لهم دينك لتنال من دنياهم فتصغر في أعينهم ثم تحرم دنياهم فإن لم تحرم كنت قد استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير. ولا تعادهم بحيث تظهر العداوة فيطول الأمر عليك في المعاداة ويذهب دينك ودنياك فيهم ويذهب دينهم فيك، إلا إذا رأيت منكراً في الدين فتعادي أفعالهم القبيحة وتنظر إليهم بعين الرحمة لهم لتعرضهم بمقت الله وعقوبته بعصيانهم. ولا تشكو إليهم أحوالك فيكلك الله إليهم ، ولا تطمع فيما في أيديهم فتستعجل الذل ولا تنال الغرض. ولا تعلو عليهم تكبراً لاستغنائك عنهم فإن الله يلجئك إليهم عقوبة على التكبر بإظهار الاستغناء. وليكن وعظك عرضاً واسترسالاً من غير تنصيص على الشخص. ومهما رأيت منهم كرامة وخيراً فاشكر الله الذي سخرهم لك واستعذ بالله أن يكلك إليهم. وإذا بلغك عنهم غيبة أو رأيت منهم شراً أو أصابك منهم ما يسوءك فكل أمرهم إلى الله واستعذ بالله من شرهم. ولا تشغل نفسك بالمكافأة فيزيد الضرر ويضيع العمر بشغله. ولا تقل لهم لم تعرفوا موضعي. وأعتقد أنك لو استحقيت ذلك لجعل الله لك موضعاً في قلوبهم فالله المحبب والمبغض إلى القلوب، وكن فيهم سميعاً لحقهم أصم عن باطنهم نطوقاً بحقهم صموتاً عن باطنهم. "