Home > Work > يوميات سراب عفان
1 " في حياة كل إنسان أمور لا يتحدث عنها, ولكنها تؤثّر في نمط معيشته, في مواقفه, في آرائه "
― جبرا إبراهيم جبرا , يوميات سراب عفان
2 " المتحدث لا تتجلّى قريحته إلا بوجود متحدث متجلي القريحة معه: فإذا أردت أن ينطفئ المتحدّث, فأحضر إليه غبيًا يحاوره! "
3 " عندما أكتب؛ أغرق ! "
4 " مع كل احترامي, فإن مستقبل العالم يقلقني, يقلقني جدًا, أكثر مما يقلقني مستقبل حقل الدواجن . لحقل الدواجن كم يقلق عليه؛ ربّ العمل, زوجته, شركاؤه.. والربح فيه مضمون لهم جميعًا. أما العالم, فإذا لم نقلق نحن عليه, إذا لم أقلق أنا عليه, فمن يقلق؟ .. أما الربح فليس مضمونًا لأحد؛ لا بأس .. لكم أنتم حقلكم وأرباحه, ولي أنا العالم, مستقبله, وخسائره ! "
5 " بين أحزاننا ومخاوفنا، بين مآسينا اليوميّة وتوقعاتنا الفاجعة.. أنا كمن يبحث عن خيط من لحن، من عزف مجهول يصالحني مع هذه الأحزان والفواجع، ولكن كيف للإنسان أن يتصالح مع الألم إلّا بقهره عن طريق فعلٍ ما؟ إنني أبحث عمّا يشبه تلك الموسيقى الصاخبة بأنغامها الهائلة التي تحقق الانقذاف إلى حيث يعلم المرء أنه يحمل عبء العالم على ظهره ولكنّه في الوقت نفسه كما بعجزه يحلّق في الفضاء خفيفاً دونما خطّة أو غاية، ولتذهب الخطط والنهايات كلها إلى الجحيم. "
6 " أتقول أن عليّ أن أُحبّ، مثلا؟ ولماذا لا أحبّ؟ ولكن من هو الذي يجب أن أحبّ، أو من هو الذي يجعلني أقطع البراري حافية القدمين لكي أرى وجهه، وأسمع همسه؟ سأحبّ! سأُعلن لنفسي أنني وقعت في هوى لا أعرف دربي معه! سأقول إنني عاشقة! ولئن كنت أريد الخلاص، أو الهرب، أو المجابهة، فلسوف يشحذ هذا الحب من عزمي، كأنني أهرب ممن أعشق، لكي أبلغ من أعشق. تناقض آخر سأتعلّم كيف أستخرج جوهره وسحره... هل هذه أنا بين الجدران الأربعة المطبقة، والبالغة في ارتفاعها غيوم السماء، كأنها تعوّض بالبعد والسموّ عن الحصر والقهر؟ حسنا! سأستعرض الرجال الذين أعرفهم، والذين لا أعرفهم إلا وُجوها وأسماء، لعلني أعثر على ذلك الذي سيصعد بي هذه الجدران الملساء السامقة إلى جنّة الربّ الموعودة... أفّ، لا، لا! ما شريط الفيديو هذا الذي راح يقذف بالوجوه بين يديّ، ولا أستطيع أن أوقفه؟ هذه الوجوه كلها أعرفها، واحدا واحدا، ولا تُغريني. أنا لا أُغرى بالمألوف إلى حدّ السأم. أريد وجها لا أعرفه، حتمًا. أريد صوتا يبعث الرعشة في جسدي عند أول كلمة يطلقها. عليّ أن أخترعه! عليّ أن أوجد من العدم الرجل الذي أحبّ. ولكن العدم لا ينتج سوى العدم، إلا على يد الله. ومن أنا لأحاول تقليد ربي؟ "
7 " لماذا أغيب عن نفسي وأصر على الغياب أو الغيبوبة؟ ولكنني لستُ أغيب عن نفسي بقدر ما أنا أتوهم أنني أرتد إلى المناطق المجهولة التي تسكنني ولست أدري هل هي التي تدفعني إلى طلب الهرب أم أنها هي التي أطلبها في هربي ولا أعرف طريقي إليها. لعلني أركض في دوائر أولها آخرها، وآخرها أولها. "