Home > Work > الأعمال المختارة - المجلد الأول - الأعمال القصصية

الأعمال المختارة - المجلد الأول - الأعمال القصصية QUOTES

7 " الأعداء:

لقد تكشفت في كل منهما بقوة أنانية التعساء .. فالتعساء أنانيون، شريرون، ظالمون، قساة وأقل من الحمقى قدرة على فهم بعضهم بعضاً .. التعاسة لا تجمع بين الناس بل تفرقهم، وحتى في تلك الأحوال التي يخيل لك فيها أن تشابه البلوى ينبغي أن يربط بين الناس. يرتكب من المظالم والشرور أكثر بكثير مما في أوساط الهانئين نسبيا.
---
ففي ذلك الجمود الشامل ... كان ثمة شيء جذاب ، يأسر القلب ، و هو بالذات ذلك الجمال المرهف الذي لا يكاد يلحظ للمأساة الإنسانية ، ذلك الجمال الذي لن يعرف الناس قريبا كيف يفهمونه ويصفونه ، والذي لا يحسن التعبير عنه ، فيما يبدو , سوى الموسيقى. و كان هذا الجمال ملموسا أيضا في السكون الجهم.
---
وعموما فالكلمات مهما كانت جميلة و عميقة فإنها لا تؤثر إلا في ذوي النفوس اللامبالية , ولا تستطيع دائما ان ترضي السعداء او التعساء. و يبدو ان اسمى تعبير عن السعادة او التعاسة هو في اغلب الاحوال الصمت. فالعشاق يفهمون بعضهم بعضا عندما يصمتون. اما الخطبة الحارة المشبوبة الملقاة على القبر فلا تؤثر إلا في الغرباء. بينما تبدو لأرملة المتوفى و أولاده باردة تافهة.
---
إذا كنتم من الشبع تتزوجون , و من الشبع تركبكم الشياطين فتخلقون الميلودرامات , فما دخلي أنا؟ ما لي أنا بقصصكم الغرامية؟ دعوني و شأني ! تمرنوا على المشاجرات النبيلة , تصوروا أنكم اصحاب أفكار إنسانية , اعزفزا ... على الكونتراباس , و على البوق , اسمنوا كالديوك المعلوفة , لكن إياكم و السخرية بكرامة الناس ! إذا لم يكن في وسعكم أن تحترموها فاعفوها على الاقل من اهتمامكم.
............

جهاز العروس:

فالناس المقيمون دائما وسط أشجار التوت و الآكاسيا و أحراش الأرقطيون لا مبالون تجاه الطبيعة. المصطافون وحدهم هم الذين حباهم الله القدرة على فهم جمال الطبيعة, أما بقية البشر فتغط في جهل عميق فيما يخص هذا الجمال. لا يقدر الناس ما لديهم من ثروة. ما نملكه لا نحافظ عليه , بل و الأكثر من ذلك أن ما تملكه اليد تزهده النفس. و حول المنزل جنة دنيوية : خضرة و طيور مغردة , أما في المنزل فيا للأسف ! في الصيف يكون الجو فيه قائظا خانقا , و في الشتاء حارا كما الحمام , مكتوما , و مملا ...
...........

الحرباء:

لو أن كل واحد أخذ يعض , فالأفضل ألا يعيش الإنسان على ظهر الأرض.
.......

الصبي الشرير:

و لكن ليس هناك شيء سعيد بصورة مطلقة في هذه الحياة الدنيوية. فالشيء السعيد عادة يحمل في طياته السّم , أو يسممه شيء ما خارجي
.............

في البيت:

فالجسم الحيّ يملك القدرة على التكيف السريع والتعوّد والتأقلم مع أي وسط، وإلا لكان على الإنسان أن يشعر في كل لحظة بمدى انعدام الحكمة في أساس نشاطه الحكيم.
---
قبلًا كان الناس بسطاء يفكرون أقل , ولذلك كانوا يحسمون القضايا بجرأة. أما نحن فنفكر أكثر من اللازم , و المنطق قد أغرقنا تماما.. كلما كان الانسان اكثر تطورا و تفكيرا و غوصا في الأمور، اصبح اقل جرأة و اكثر وسوسة، و أشد وجلا في التصدي للمسألة. لو أمعنا التفكير، فأية شجاعة و ثقة في النفس ينبغي ان تكون لدى المرء لكي يقدم علي تعليم الآخرين، و الحكم عليهم، و تأليف الكتب السميكة.
---
فكر في نفسه : قد يقال إن ما أثر عليه هو الجمال و الشكل الفني. فليكن. و لكن هذا ليس بشيء مطمئن. إنه مع ذلك ليس وسيلة حقيقية. لماذا ينبغي تقديم الموعظة والحقيقة ليس بصورتهما المجردة ، النيئة ، بل بالخلطات ، وبقشرة سكرية مذهبة كحبات الدواء؟ ليس هذا طبيعيا , إنه خداع , تزوير , تحايل.
و تذكر القضاة المحلفين الذين لا بد أن تسمعهم خطبة عصماء , و عامة الناس الذين لا يستوعبون التاريخ إلا من خلال الملاحم و السير و الروايات التاريخية , و تذكر نفسه , هو الذي استقى خبرة الحياة لا من المواعظ و القوانين , بل من الحكايات و الروايات و الأشعار.
ينبغي أن يكون الدواء حلوا ، والحقيقة جميلة. و هذه النزوة قد أباحها الإنسان لنفسه منذ عهد آدم , و عموما ربما كان كل ذلك طبيعيا وهكذا ينبغي للأمور أن تكون. وهل تخلو الطبيعة من الخداع المفيد والأوهام. "

Anton Chekhov , الأعمال المختارة - المجلد الأول - الأعمال القصصية

13 " العازف الأجير:

وأتذكرك…وأفكر فيك: ها هو شريكي في الغرفة الآن جالس يسطر…يصف المسكين الشرطة النائمين وصراصير المخابز والطقس الخريفي السيء…يصف بالذات كلّ ما وصف من زمن بعيد، كلّ ما أشبع لوكًا وهضمًا…أفكر في ذلك ولست أدري لماذا أشفق عليك….أشفق عليك لدرجة البكاء! إنّك شاب رائع، طيب القلب، ولكن ليس فيك تلك الشعلة، اتدري، تلك المرارة، تلك القوة…ليس فيك ذلك الحماس…فلماذا أنت كاتب ولست صيدليًا أو اسكافيًا، الله يعلم! وتذكرت كلّ زملائي الخائبين، كل هؤلاء المغنين والمصورين والهواة…كلهم كانوا في وقت ما يغلون ويمورون ويحلقون في السماء، أما الآن…فالشيطان يعلم ما هذا
---
وأقول لنفسي: ما هذه الخصلة لدى الانسان الروسي…فطالما أنت حر، تدرس أو تتسكع بلا عمل، فبوسعك أن تشرب معه وتربت على كرشه، وتتودد الى ابنته، ولكن ما إن تصبح علاقتك به على نحو ولو قليل من التبعية، حتى تصير صرصارًا ينبغي أن يعرف قدره
........

السعيد :

- ... إذا لم تكونوا سعداء فالذنب ذنبكم ... الإنسان هو خالق سعادته و بوسعكم لو أردتم أن تصبحوا سعداء , و لكنكم لا تريدون. أنتم تهربون من السعادة بإصرار ...
.... المهم ألا تتفلسف , بل سر على التقليد , التقليد شيء عظيم.
- أنت تقول أن الإنسان هو خالق سعادته. أي خالق هو ... إذا كان يكفي مجرد ألم في سنه أو حماة شريرة لكي تطير سعادته رأسا على عقب ؟ كل شيء رهن بالصدفة.
......

الزوج:

راودته رغبة في أن يعود إلى النادي ليصنع شيئا يجعل الجميع يشعرون بالملل و المرارة , و بضآلة هذه الحياة و سطحيتها عندما تسير هكذا في ظلام الشارع و تسمع بقبقة الوحل تحت قدميك , و عندما تعرف أنك ستستيقظ غدا في الصباح فلا تجد أمامك شيئا اخر سوى الفودكا و اوراق اللعب. "

أنطون تشيخوف , الأعمال المختارة - المجلد الأول - الأعمال القصصية