Home > Work > خلف العتمة
1 " الصباح يحمل معه قليلاً من البرد، وكأنه يحاول أن يطرد النوم من عيون الناس الدافئة. صوت شتائم الكنّاس أسمعها بوضوح، لقد تعوّد منذ زمن بعيد، أن يشتم القدر الذي رماه في هذه البقعة "
― سليم اللوزي , خلف العتمة
2 " الثوريون لا يموتون أبداً “. . جلاّدهم لا يقتلهم، لا يستطيع أن ينهيهم، الأرض هي التي تقتلهم. تبتلع الأرضُ أجسادَ الثوريين الذين لم يحن موعد موتهم، تبتلعهم لأنها لا تستطيع أن تتحمّل الطاقة التي يملكونها، تهب الحياة للذين لا يتحرّكون. للبليدين. لا تستطيع أن تتحمّل طاقتهم الإيجابية، تتضارب الجُزيئيّات السلبية مع الإيجابية، يمكن للأرض أن تنفجر في حال لم تبتلع الثوريين. . تتلمّسهم برفق، تنظر في عيونهم، تعبث بشعرهم، ترسل لهم جذورها، توزّعهم في التراب أشلاء، لتعود وتخلق منهم ثوريين جدداً، هكذا تدور الأرض حول الثوريين، هكذا تعيش الأرض وتنتج. "
3 " على طول الطريق، كنت أراجع تصرفاته، هذه الحنكة والذكاء في التعامل مع الغير ملفتة. أراقب جدران المباني القديمة، لقد غيّرتها لامبالاة المدينة وفصولها، وصديقي الصغير لم يستطع أحد أن يقتلع براءته من صدره. قراميد المباني القديمة، والتي لم يبقَ منها سوى القليل في هذه المدينة المجنونة، تحوي في زواياها أعشاشاً لليمام والطيور التي لا تهاجر. الطيور التي التزمت هذه المدينة كحال كثير من أبنائها الذين لم يستطيعوا أن ينتفضوا عليها وأن يغادروها هرباً من شقائها. "
4 " حاول الرجل أن يدخل كفّه بين فخدي ماسح الزجاج. دفعه منذراً. لم يكترث، أعاد الكرّة بعد أن لفّ يده حول خاصرته. قاوم ببسالة، لم يستسلم. حاول أن يعرّيه، لم يفلح. قفز في مكانه كالذي مسّه جنّ، حاول أن يتخلّص من قبضة الرجل. لم يفلح. باغته وأخرج من جيبه سكيناً، طعنه في باطن يده التي كانت تعصر خاصرته. تراخت عضلات يده، تحرّر الطفل. بصق في وجه الرجل الذي بدأ ينزف، وهرب. "