Home > Author > عبد الجواد ياسين >

" كانت هيمنة قريش معلنة بشكل رسمي منذ السقيفة، امتدادا لسلطة الرسول مؤسس الدولة. ولكنها لم تستتب فعليا إلا بعد الانتهاء من حروب (الردة)، التي كانت بخلفياتها الاجتماعية والثقافية حروبا قبلية ضد هيمنة قريش وسلطة الدولة المركزية. كانت كذلك على الأقل من وجهة نظر القبائل التي لم تعهد من قبل تجربة الدولة، ولم ترفي اتفاقاتها السابقة مع الرسول أكثر من تحالفات سياسية كتحالفات القبائل في الجاهلية، تنتهي بوفاة عاقدها، وهي فرصة للتحلل من الالتزام بالزكاة، التي نظرت إليها كإتاوة مالية مهينة يفرضها الغالب على المغلوب، لا كفريضة دينية منزلة من عند الله. ولذلك فإن تمرد هذه القبائل بعد وفاة الرسول، لم يكن في حقيقته خروجا من الدين، بل خروجا من الحلف السياسي ومشروع الدولة الذي يمثله. لم تكن هذه القبائل، التي دخلت دخولا جماعيا ببيعة شيوخها وزعمائها، قد فهمت الإسلام أو اهتمت به ولا توفرت على الوقت اللازم لتشربه كعقيدة وأحكام، ولذلك فإن المنطوق الحرفي لمصطلح الردة بمعنى الخروج من الدين بعد الدخول فيه لا ينطبق عليها. "

عبد الجواد ياسين , السلطة في الإسلام - نقد النظرية السياسية


Image for Quotes

عبد الجواد ياسين quote : كانت هيمنة قريش معلنة بشكل رسمي منذ السقيفة، امتدادا لسلطة الرسول مؤسس الدولة. ولكنها لم تستتب فعليا إلا بعد الانتهاء من حروب (الردة)، التي كانت بخلفياتها الاجتماعية والثقافية حروبا قبلية ضد هيمنة قريش وسلطة الدولة المركزية. كانت كذلك على الأقل من وجهة نظر القبائل التي لم تعهد من قبل تجربة الدولة، ولم ترفي اتفاقاتها السابقة مع الرسول أكثر من تحالفات سياسية كتحالفات القبائل في الجاهلية، تنتهي بوفاة عاقدها، وهي فرصة للتحلل من الالتزام بالزكاة، التي نظرت إليها كإتاوة مالية مهينة يفرضها الغالب على المغلوب، لا كفريضة دينية منزلة من عند الله. ولذلك فإن تمرد هذه القبائل بعد وفاة الرسول، لم يكن في حقيقته خروجا من الدين، بل خروجا من الحلف السياسي ومشروع الدولة الذي يمثله. لم تكن هذه القبائل، التي دخلت دخولا جماعيا ببيعة شيوخها وزعمائها، قد فهمت الإسلام أو اهتمت به ولا توفرت على الوقت اللازم لتشربه كعقيدة وأحكام، ولذلك فإن المنطوق الحرفي لمصطلح الردة بمعنى الخروج من الدين بعد الدخول فيه لا ينطبق عليها.