Home > Author > عبد الله العروي >

" الطوبى، في استعمالنا المحدد للكلمة، هو تخيّل نظام أفضل خارج الدولة القائمة وضدا عليها. تكون إذن أدلوجة حرية وتحرير، وبالتالي أدلوجة دولة مستقبلية، لكن لا يمكن أن تكون أدلوجة دولة قائمة. بل حيثما وجدت فوجودها دليل ضمني على أن الدولة التي تحتضنها ضعيفة، ينقصها تبرير أدلوجي يستوعبه الأفراد ليجعلوا منه قانونهم الوجداني. لقد رأينا في الدولة السلطانية جهازا قمعيا صرفا يتساكن مع طوبى المدينة الفاضلة وطوبى الخلافة، دون أن يتوفر له أدلوجة تبريرية تخلق إجماعا وتكسبه ولاء الأفراد. كان المفروض في الفقهاء أن يمدوا السلطة القائمة بالتبريرات اللازمة، إلا أنهم كانوا مرتبطين بفكرة الخلافة. نعم، قالوا للناس: أطيعوا أولي الأمر منكم، لكن قالوا للناس من قبل: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، ولم يبينوا أبدا سبيل التوفيق إذا تناقض الأمران، علما بأن التناقض هو القاعدة في حياة المؤمنين. لذا، لم تظهر أدلوجة، وبالأحرى لم تتبلور نظرية الدولة. "

عبد الله العروي , مفهوم الدولة


Image for Quotes

عبد الله العروي quote : الطوبى، في استعمالنا المحدد للكلمة، هو تخيّل نظام أفضل خارج الدولة القائمة وضدا عليها. تكون إذن أدلوجة حرية وتحرير، وبالتالي أدلوجة دولة مستقبلية، لكن لا يمكن أن تكون أدلوجة دولة قائمة. بل حيثما وجدت فوجودها دليل ضمني على أن الدولة التي تحتضنها ضعيفة، ينقصها تبرير أدلوجي يستوعبه الأفراد ليجعلوا منه قانونهم الوجداني. لقد رأينا في الدولة السلطانية جهازا قمعيا صرفا يتساكن مع طوبى المدينة الفاضلة وطوبى الخلافة، دون أن يتوفر له أدلوجة تبريرية تخلق إجماعا وتكسبه ولاء الأفراد. كان المفروض في الفقهاء أن يمدوا السلطة القائمة بالتبريرات اللازمة، إلا أنهم كانوا مرتبطين بفكرة الخلافة. نعم، قالوا للناس: أطيعوا أولي الأمر منكم، لكن قالوا للناس من قبل: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، ولم يبينوا أبدا سبيل التوفيق إذا تناقض الأمران، علما بأن التناقض هو القاعدة في حياة المؤمنين. لذا، لم تظهر أدلوجة، وبالأحرى لم تتبلور نظرية الدولة.