Home > Author > عبد الله العروي >

" نواجه هنا مفارقة عجيبة؛ إذ يقول السلفيون: الإسلام دين ودولة يظنون أنهم يعبرون عن خصوصية الإسلام. في الواقع إنهم يصفون الإمارة الشرعية ولا يتعرضون في شيء للخلافة. إنهم يتكلمون عما يجمع النظام الإسلامي بالأنظمة السياسية الأخرى. ألا يحق لنا أن نقول أن النصرانية دين ودولة؟ أوليست دينا يعيش بجانب دولة في نطاق مؤسسة مستقلة؟ في هذا السؤال بالطبع مغالطة، لكنها مغالطة يرتكبها المستشرقون والسلفيون باستمرار. عندما يقولون: النصرانية دين، فإنهم يعنون المعتقد وعندما يقولون: الإسلام دين ودولة فإنهم يعنون الحضارة الإسلامية. لو عنَوْا بالنصرانية حضارة محددة لوجب عليهم الاعتراف بأنها دين ودولة، كنيسة وإدارة، بابوية وامبراطورية. ولو عنَوْا بالإسلام المعتقد لوجب عليهم القول إنه دين فوق الدولة وما سواها.
إن العبارة التي نحن بصددها تبررها ظروف القرن الماضي، ظروف مواجهة الفقهاء الليبرالية الغربية. لكنها لا تعبر عن روح الدعوة الإسلامية. التعبير الصحيح، حسب مصطلحاتنا، هو أن نقول: الدولة السلطانية دين ودولة. أما الإسلام فإنه دين الفطرة الذي يهدف إلى تحويل الدولة إلى لا دولة. "

عبد الله العروي , مفهوم الدولة


Image for Quotes

عبد الله العروي quote : نواجه هنا مفارقة عجيبة؛ إذ يقول السلفيون: الإسلام دين ودولة يظنون أنهم يعبرون عن خصوصية الإسلام. في الواقع إنهم يصفون الإمارة الشرعية ولا يتعرضون في شيء للخلافة. إنهم يتكلمون عما يجمع النظام الإسلامي بالأنظمة السياسية الأخرى. ألا يحق لنا أن نقول أن النصرانية دين ودولة؟ أوليست دينا يعيش بجانب دولة في نطاق مؤسسة مستقلة؟ في هذا السؤال بالطبع مغالطة، لكنها مغالطة يرتكبها المستشرقون والسلفيون باستمرار. عندما يقولون: النصرانية دين، فإنهم يعنون المعتقد وعندما يقولون: الإسلام دين ودولة فإنهم يعنون الحضارة الإسلامية. لو عنَوْا بالنصرانية حضارة محددة لوجب عليهم الاعتراف بأنها دين ودولة، كنيسة وإدارة، بابوية وامبراطورية. ولو عنَوْا بالإسلام المعتقد لوجب عليهم القول إنه دين فوق الدولة وما سواها. <br />إن العبارة التي نحن بصددها تبررها ظروف القرن الماضي، ظروف مواجهة الفقهاء الليبرالية الغربية. لكنها لا تعبر عن روح الدعوة الإسلامية. التعبير الصحيح، حسب مصطلحاتنا، هو أن نقول: الدولة السلطانية دين ودولة. أما الإسلام فإنه دين الفطرة الذي يهدف إلى تحويل الدولة إلى لا دولة.