Home > Author > عبد الله العروي >

" إن العبارة – الإسلام دين ودولة – وصف للواقع القائم منذ قرون، أي لحكم سلطاني مطلق يحافظ، لأسباب سياسية محضة، على قواعد الشرع؛ وليست بأي حال تعبيرا عن طوبى الخلافة كما حللناها في الصفحات السابقة. ما يجب أن يلفت نظر القاريء في العبارة المذكورة هو واو الربط الدال على التساكن لا الاندماج والانصهار، مع أن منطق الخلافة الحق يقضي أن الدين لا يتساكن مع الدولة بل يصهرها ليحيلها إلى لا دولة. تعني كلمة إسلام في العبارة المذكورة الحضارة التي تطورت أثناء التاريخ في دار الإسلام ولا تعني أبدا العقيدة.(يتفق في هذه النقطة السلفيون مع المستشرقين، وبدون شك تحت تأثيرهم.) لتلك الحضارة مميزات من ضمنها تساكن الدين والدولة دون أن يغير في العمق أحدهما الآخر. نلاحظ بالفعل من جهة ان الدولة لم تحوّل الإسلام لتجعل منه دين دولة؛(كما نجد ذلك في الإمبراطوريات القديمة وفي الدولة الفاشية.) لو تحقق هذا لكانت الدولة صنما يُعبد، لكان في ذلك شرك بالله وهو ما يحرمه الشرع تحريما قطعيا، ومن جهة ثانية أن الإسلام لم يحوّل الدولة إلى مؤسسة دينية، لأن الدولة في الظروق العادية تعني دائما المُلك الطبيعي؛ لو حصل المذكور وأصبحت الدولة أداة تمكن كل فرد من التحلي بمكارم الأخلاق لما نشأت الحركة الصوفية التي تدعو كل فرد إلى النجاة بنفسه غير عابيء بغيره. "

عبد الله العروي , مفهوم الدولة


Image for Quotes

عبد الله العروي quote : إن العبارة – الإسلام دين ودولة – وصف للواقع القائم منذ قرون، أي لحكم سلطاني مطلق يحافظ، لأسباب سياسية محضة، على قواعد الشرع؛ وليست بأي حال تعبيرا عن طوبى الخلافة كما حللناها في الصفحات السابقة. ما يجب أن يلفت نظر القاريء في العبارة المذكورة هو واو الربط الدال على التساكن لا الاندماج والانصهار، مع أن منطق الخلافة الحق يقضي أن الدين لا يتساكن مع الدولة بل يصهرها ليحيلها إلى لا دولة. تعني كلمة إسلام في العبارة المذكورة الحضارة التي تطورت أثناء التاريخ في دار الإسلام ولا تعني أبدا العقيدة.(يتفق في هذه النقطة السلفيون مع المستشرقين، وبدون شك تحت تأثيرهم.) لتلك الحضارة مميزات من ضمنها تساكن الدين والدولة دون أن يغير في العمق أحدهما الآخر. نلاحظ بالفعل من جهة ان الدولة لم تحوّل الإسلام لتجعل منه دين دولة؛(كما نجد ذلك في الإمبراطوريات القديمة وفي الدولة الفاشية.) لو تحقق هذا لكانت الدولة صنما يُعبد، لكان في ذلك شرك بالله وهو ما يحرمه الشرع تحريما قطعيا، ومن جهة ثانية أن الإسلام لم يحوّل الدولة إلى مؤسسة دينية، لأن الدولة في الظروق العادية تعني دائما المُلك الطبيعي؛ لو حصل المذكور وأصبحت الدولة أداة تمكن كل فرد من التحلي بمكارم الأخلاق لما نشأت الحركة الصوفية التي تدعو كل فرد إلى النجاة بنفسه غير عابيء بغيره.