Home > Author > عبد الله العروي >

" إذا سمينا المثل الأعلى خلافة، فيجب ألا نطلق الكلمة على الأنظمة التي جاءت بعد الخلفاء الراشدين. وإذا سمينا النظام القائم خلافة، مع أننا نعني خلافة صورية، فيجب أن نطلق على المثل الأعلى اسما آخر. وإلا تاه بنا الحديث وتعذر التفاهم، كما وقع بالفعل أثناء الضجة التي أحدثها كتاب علي عبد الرازق.

إن الخلافة هي طوبى الفكر السياسي الإسلامي. لهذا السبب بالذات، أي لأنها مثل أعلى وتخيُّل، لا يجوز أن نقول إنها الدولة الإسلامية، إن هذه العبارة متناقضة في ذاتها إذا أخرجناها من عالم المعقولات إلى عالم المحسوسات: تشير الدولة إلى مستوى ويشير الإسلام إلى مستوى آخر. (إن السلطنة العادلة هي ما يطالب به رشيد رضا في كتابه الخلافة والإمامة العظمى، والسلطنة الجائرة هي ما يعني علي عبد الرازق عندما ينقد الخلافة في كتابه المذكور آنفا. أما علاّل الفاسي فإنه لا يرضى بهذه ولا بتلك، بل يعيد إلى الذكرى طوبى الخلافة الحق.) تستقيم العبارة (دولة-إسلامية) في ظروف غير طبيعية حيث يصبح الإنسان غير الإنسان وحيث تتغير القواعد العامة للسلوك البشري، فتتحول الدولة إلى لا دولة ويذوب هدفها المحدود في الغاية العظمى للامة جمعاء. أما في الظروف العادية، فتبقى الدولة في نطاق الحيوانية، غايتها الغلبة والقهر والاستئثار بالخيرات، فلا يمكن أن تتحول تلقائيا إلى أداة تتوخّى تحقيق مكارم الأخلاق. "

عبد الله العروي , مفهوم الدولة


Image for Quotes

عبد الله العروي quote : إذا سمينا المثل الأعلى خلافة، فيجب ألا نطلق الكلمة على الأنظمة التي جاءت بعد الخلفاء الراشدين. وإذا سمينا النظام القائم خلافة، مع أننا نعني خلافة صورية، فيجب أن نطلق على المثل الأعلى اسما آخر. وإلا تاه بنا الحديث وتعذر التفاهم، كما وقع بالفعل أثناء الضجة التي أحدثها كتاب علي عبد الرازق.<br /><br />إن الخلافة هي طوبى الفكر السياسي الإسلامي. لهذا السبب بالذات، أي لأنها مثل أعلى وتخيُّل، لا يجوز أن نقول إنها الدولة الإسلامية، إن هذه العبارة متناقضة في ذاتها إذا أخرجناها من عالم المعقولات إلى عالم المحسوسات: تشير الدولة إلى مستوى ويشير الإسلام إلى مستوى آخر. (إن السلطنة العادلة هي ما يطالب به رشيد رضا في كتابه الخلافة والإمامة العظمى، والسلطنة الجائرة هي ما يعني علي عبد الرازق عندما ينقد الخلافة في كتابه المذكور آنفا. أما علاّل الفاسي فإنه لا يرضى بهذه ولا بتلك، بل يعيد إلى الذكرى طوبى الخلافة الحق.) تستقيم العبارة (دولة-إسلامية) في ظروف غير طبيعية حيث يصبح الإنسان غير الإنسان وحيث تتغير القواعد العامة للسلوك البشري، فتتحول الدولة إلى لا دولة ويذوب هدفها المحدود في الغاية العظمى للامة جمعاء. أما في الظروف العادية، فتبقى الدولة في نطاق الحيوانية، غايتها الغلبة والقهر والاستئثار بالخيرات، فلا يمكن أن تتحول تلقائيا إلى أداة تتوخّى تحقيق مكارم الأخلاق.