Home > Author > عبد الوهاب المسيري >

" كثيراً ما تواجهني لحظات يفقد فيها الكون معناه ، وتصبح الأمور سخيفة ونسبية ، وأبدأ في الشعور بالرغبة في تحطيم ذاتي وتحطيم من حولي . حدث لي هذا عند توقيع اتفاقية كامب ديفيد . كما حدث في عام 1979 . وأنا في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكنت أقوم ساعتها بجولة في الكونجرس لأحدثهم عن علاقة إسرائيل بجنوب إفريقيا . وفجأة بدأت أشعر بسخافة ما أفعله وأتسائل عن جدواه . وكنت أسأل مرافقتي : لم لا أتوقف عن كل هذا ، وأذهب إلى مطعم فرنسي أو صيني يطل على النهر فأجلس فيه وأتناول ما أريد من أطعمة ثم أدخن سيجاراً وأذهب بعدها إلى المسرح وأعود إلى منزلي . وبذلك أكون قد أعطيت ظهرى للتاريخ ، بل وأخرجت لساني له ؟ لماذا سأعود إلى مصر ، وأنا عندي عروض مغرية لوظائف عديدة ؟! أمكث في أمريكا ، بلد اللاتاريخ والآن وهنا ، فأعيش في اللحظة ولا أفكر في لا في الماضي ولا في المستقبل ، فأفقد وعيي وأهنأ بما تحس به حواسي الخمس ، بحسبانه البداية والنهاية ... أليست هذه ألذ طريقة للانتحار يعرفها المرء؟! "

عبد الوهاب المسيري , رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر


Image for Quotes

عبد الوهاب المسيري quote : كثيراً ما تواجهني لحظات يفقد فيها الكون معناه ، وتصبح الأمور سخيفة ونسبية ، وأبدأ في الشعور بالرغبة في تحطيم ذاتي وتحطيم من حولي . حدث لي هذا عند توقيع اتفاقية كامب ديفيد . كما حدث في عام 1979 . وأنا في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكنت أقوم ساعتها بجولة في الكونجرس لأحدثهم عن علاقة إسرائيل بجنوب إفريقيا . وفجأة بدأت أشعر بسخافة ما أفعله وأتسائل عن جدواه . وكنت أسأل مرافقتي : لم لا أتوقف عن كل هذا ، وأذهب إلى مطعم فرنسي أو صيني يطل على النهر فأجلس فيه وأتناول ما أريد من أطعمة ثم أدخن سيجاراً وأذهب بعدها إلى المسرح وأعود إلى منزلي . وبذلك أكون قد أعطيت ظهرى للتاريخ ، بل وأخرجت لساني له ؟ لماذا سأعود إلى مصر ، وأنا عندي عروض مغرية لوظائف عديدة ؟! أمكث في أمريكا ، بلد اللاتاريخ والآن وهنا ، فأعيش في اللحظة ولا أفكر في لا في الماضي ولا في المستقبل ، فأفقد وعيي وأهنأ بما تحس به حواسي الخمس ، بحسبانه البداية والنهاية ... أليست هذه ألذ طريقة للانتحار يعرفها المرء؟!