Home > Author > ابن الجوزي >

" تأملت على أكثر الناس عباداتهم فإذا هي عادات، فأما أرباب اليقظة فعاداتهم عبادة حقيقية، فإن الغافل يقول: سبحان الله عادة والمتيقظ لا يزال فكره في عجائب المخلوقات أو في عظمة الخالق، فيحركه الفكر في ذلك فيقول: سبحان الله ولو أن إنسانًا تفكر في رمانة، فنظر في تصفيف حبها وحفظه بالأغشية لئلا يتضاءل، وإقامة الماء على عظم العجم، وجعل الغشاء عليه يحفظه، وتصوير الفرخ في بطن البيضة، والآدمي في أحشاء الأم، إلى غير ذلك من المخلوقات، قاده هذا الفكر إلى تعظيم الخالق فقال: سبحان الله وكان هذا التسبيح ثمرة الفكر؛ فهذا تسبيح المتيقظين، وما تزال أفكارهم تجول فتقع في عباداتهم بالتسبيحات محققة، وكذلك يتفكرون في قبائح ذنوب قد تقدمت فيوجد ذلك الفكر قلق القلب وندم النفس، فيثمر ذلك ان يقول قائلهم أستغفر الله، فهذا هو التسبيح والاستغفار، وأما الغافلون فيقولون ذلك عادة وشتان ما بين الفريقين "

ابن الجوزي , صيد الخاطر


Image for Quotes

ابن الجوزي quote : تأملت على أكثر الناس عباداتهم فإذا هي عادات، فأما أرباب اليقظة فعاداتهم عبادة حقيقية، فإن الغافل يقول: سبحان الله عادة والمتيقظ لا يزال فكره في عجائب المخلوقات أو في عظمة الخالق، فيحركه الفكر في ذلك فيقول: سبحان الله ولو أن إنسانًا تفكر في رمانة، فنظر في تصفيف حبها وحفظه بالأغشية لئلا يتضاءل، وإقامة الماء على عظم العجم، وجعل الغشاء عليه يحفظه، وتصوير الفرخ في بطن البيضة، والآدمي في أحشاء الأم، إلى غير ذلك من المخلوقات، قاده هذا الفكر إلى تعظيم الخالق فقال: سبحان الله وكان هذا التسبيح ثمرة الفكر؛ فهذا تسبيح المتيقظين، وما تزال أفكارهم تجول فتقع في عباداتهم بالتسبيحات محققة، وكذلك يتفكرون في قبائح ذنوب قد تقدمت فيوجد ذلك الفكر قلق القلب وندم النفس، فيثمر ذلك ان يقول قائلهم أستغفر الله، فهذا هو التسبيح والاستغفار، وأما الغافلون فيقولون ذلك عادة وشتان ما بين الفريقين