Home > Author > مصطفى محمود >

" العالم الذي شنق نفسه بسلك الكهربـــاء

روسيا و أمريكا التقتا و تصافحتا في الفضاء و لم تستطيعا أن تلتقيا على الأرض ..

الإنسان قطع ربع مليون ميل إلى القمر و لم يستطع أن يقطع بضع خطوات لينقذ جاراً له يموت في فيتنام و كمبوديا و القدس ..

المسافات بين قلوب الناس أصبحت أكبر من المسافات بين الكواكب ، و كل يوم يزداد الأخ عن أخيه تجافياً و بعداً ..

إنسان اليوم بدل أن يشغل نفسه بقتل الميكروبات أصبح يزرعها و يسمنها و يربيها ثم يصنع منها قنبلة ميكروبية ليلقيها على جاره ..

و يجاوب عليه جاره بنفس أسلوبه ضاحكاً في جنون ..

- قنبلة ميكروبية .. و ما جدواها ؟ لقد سبقتك لقد اكتشفت غازاً للشلل أرميه عليك فترقد مشلولاً مثل صرصور قلبوه على ظهره ، فيصفق الآخر و يهلل كالمعتوه ..

- قديمة .. أنا عندي صواريخ مدارية تدور الآن في فلك حولك و أستطيع بضغطة واحدة على زر أن أنزل عليك الموت كالمطر ..

فيخرج الآخر لسانه ساخراً ..

- هذه لعبة فات أوانها ، فقد اخترعت صواريخ مضادة تصطاد صواريخك و تفجرها في الهواء ..

فيهتف الآخر :

- لن تستطيع، فقد بنيت شبكة مضادة ضد الصواريخ المضادة ..

فيقهقه صاحبنا :

- نسيت يا أبله أنني بنيت شبكة ضد الشبكة ..

فيصرخ الأول :

- هاها .. أنت حمار تذكر أن عندي مخزوناً من القنابل الذرية يكفي لتمزيق القارة التي تسكنها ..

فيصرخ الثاني :

فلتذكر أنت أيضاً أن عندي مخزوناً من القنابل الأيدروجينية يكفي لشطر الكرة الأرضية كلها نصفين ..

و أعجب ما في هذا الحوار الهستيري أنه يجرى بالعلم و العقل ، و المخترعات و المبتكرات ، و الأفخاخ الإلكترونية و أنه حوار ينزف ذهباً و دولارات و ماركات و روبلات و فرنكات بلا نهاية

و رجل الشارع البسيط يمشي وسط هذه المظاهرة جائعاً و عرياناً قليل الحيلة لا يعرف بماذا يطلع عليه الغد ..

هل هذا عصر العلم ؟

أو عصر الجهل ؟

أو أنه جهل العلم ؟؟

الله يعطينا الكهرباء .. فماذا نفعل بهذه الكهرباء ؟!

إننا لا نفكر كيف نحولها إلى نور ..

و لكننا مشغولون طول الوقت في المعامل و المختبرات نفكر كيف نحول هذه الطاقة الكهربائية إلى ظلام ..

العالم يفكر في أذكى طريقة يلف بها سلك الكهرباء على عنقه لينتحر ..

إنه علم الجهل !

إنه العلم الأسود ..

و مثله مثل السحر الأسود الذي كان يحول به سحرة فرعون العصي إلى ثعابين ..

لأنه علم بلا دين !

و عقل بلا قلب ..

لقد طالت مخالبنا فأصبحت مخالب نووية ..

و نمت أنيابنا فأصبحت أنيابا ذرية ..

و ظل قلبنا على حاله .. قلب حيوان الغاب ..

تطور الإنسان إلى تنين ..

و النهاية الآن مرهونة بمن يبدأ الحماقة .. من يضغط على الزناد قبل الآخر !

أو من يفطن إلى الكارثة فيقود التطور إلى الإتجاه المضاد إلى تجاه التسامي بقلب الإنسان و روحه .. بدون اعتبار لقوة يديه و متانة عضلاته "

مصطفى محمود , الشيطان يحكم


Image for Quotes

مصطفى محمود quote : العالم الذي شنق نفسه بسلك الكهربـــاء<br /><br />روسيا و أمريكا التقتا و تصافحتا في الفضاء و لم تستطيعا أن تلتقيا على الأرض ..<br /><br />الإنسان قطع ربع مليون ميل إلى القمر و لم يستطع أن يقطع بضع خطوات لينقذ جاراً له يموت في فيتنام و كمبوديا و القدس ..<br /><br />المسافات بين قلوب الناس أصبحت أكبر من المسافات بين الكواكب ، و كل يوم يزداد الأخ عن أخيه تجافياً و بعداً ..<br /><br />إنسان اليوم بدل أن يشغل نفسه بقتل الميكروبات أصبح يزرعها و يسمنها و يربيها ثم يصنع منها قنبلة ميكروبية ليلقيها على جاره ..<br /><br />و يجاوب عليه جاره بنفس أسلوبه ضاحكاً في جنون ..<br /><br />- قنبلة ميكروبية .. و ما جدواها ؟ لقد سبقتك لقد اكتشفت غازاً للشلل أرميه عليك فترقد مشلولاً مثل صرصور قلبوه على ظهره ، فيصفق الآخر و يهلل كالمعتوه ..<br /><br />- قديمة .. أنا عندي صواريخ مدارية تدور الآن في فلك حولك و أستطيع بضغطة واحدة على زر أن أنزل عليك الموت كالمطر ..<br /><br />فيخرج الآخر لسانه ساخراً ..<br /><br />- هذه لعبة فات أوانها ، فقد اخترعت صواريخ مضادة تصطاد صواريخك و تفجرها في الهواء ..<br /><br />فيهتف الآخر :<br /><br />- لن تستطيع، فقد بنيت شبكة مضادة ضد الصواريخ المضادة ..<br /><br />فيقهقه صاحبنا :<br /><br />- نسيت يا أبله أنني بنيت شبكة ضد الشبكة ..<br /><br />فيصرخ الأول :<br /><br />- هاها .. أنت حمار تذكر أن عندي مخزوناً من القنابل الذرية يكفي لتمزيق القارة التي تسكنها ..<br /><br />فيصرخ الثاني :<br /><br />فلتذكر أنت أيضاً أن عندي مخزوناً من القنابل الأيدروجينية يكفي لشطر الكرة الأرضية كلها نصفين ..<br /><br />و أعجب ما في هذا الحوار الهستيري أنه يجرى بالعلم و العقل ، و المخترعات و المبتكرات ، و الأفخاخ الإلكترونية و أنه حوار ينزف ذهباً و دولارات و ماركات و روبلات و فرنكات بلا نهاية<br /><br />و رجل الشارع البسيط يمشي وسط هذه المظاهرة جائعاً و عرياناً قليل الحيلة لا يعرف بماذا يطلع عليه الغد ..<br /><br />هل هذا عصر العلم ؟<br /><br />أو عصر الجهل ؟<br /><br />أو أنه جهل العلم ؟؟<br /><br />الله يعطينا الكهرباء .. فماذا نفعل بهذه الكهرباء ؟!<br /><br />إننا لا نفكر كيف نحولها إلى نور ..<br /><br />و لكننا مشغولون طول الوقت في المعامل و المختبرات نفكر كيف نحول هذه الطاقة الكهربائية إلى ظلام ..<br /><br />العالم يفكر في أذكى طريقة يلف بها سلك الكهرباء على عنقه لينتحر ..<br /><br />إنه علم الجهل !<br /><br />إنه العلم الأسود ..<br /><br />و مثله مثل السحر الأسود الذي كان يحول به سحرة فرعون العصي إلى ثعابين ..<br /><br />لأنه علم بلا دين !<br /><br />و عقل بلا قلب ..<br /><br />لقد طالت مخالبنا فأصبحت مخالب نووية ..<br /><br />و نمت أنيابنا فأصبحت أنيابا ذرية ..<br /><br />و ظل قلبنا على حاله .. قلب حيوان الغاب ..<br /><br />تطور الإنسان إلى تنين ..<br /><br />و النهاية الآن مرهونة بمن يبدأ الحماقة .. من يضغط على الزناد قبل الآخر !<br /><br />أو من يفطن إلى الكارثة فيقود التطور إلى الإتجاه المضاد إلى تجاه التسامي بقلب الإنسان و روحه .. بدون اعتبار لقوة يديه و متانة عضلاته