Home > Author > عبد الجواد ياسين >

" داخل الفكر الإسلامي المعاصر، تصر الكتلة السلفية، وهي نواته المركزية، ليس فقط على تبني النظرية بما هي تراث له صلاحياته الإلزامية، بل أيضا تبني التاريخ السياسي الذي أنشأها، والذي لا ينفك عن تاريخ العقل. أما التيار الأكثر تسييسا داخل هذا الفكر فيتعاطى في عمومه منهجية الدفاع المركبة التي تعترف بوجود الاستبداد في (بعض) مراحل التاريخ الإسلامي ولكنها لا تعترف بوجوده في النظرية.
ويرجع ذلك إلى الخلط الذي أشرت إليه سابقا بين النظرية وبين مباديء القرآن الكلية في الشورى والعدالة والمساواة. فهي تهب للدفاع عن (نظام الخلافة في الإسلام) باستحضار هذه المباديء الكلية، في حين أن هذا النظام الأخير ليس من صنع هذه المباديء، بل من إنتاج النظام القبلي العربي الجاهلي في حقبته الأولى، ومن إنتاج الواقع الاستبدادي الذي فرضته الأنظمة الملكية اللاحقة في حقبته الثانية. وهو ما صاغته النظرية في جملة من القواعد والأحكام، واصطنعت لخدمته جملة أخرى من الروايات التي لا تمت بأي صلة إلى الشورى والعدالة والمساواة، يتم التعامل معها باعتبارها نصوصا مرفوعة. "

عبد الجواد ياسين , السلطة في الإسلام - نقد النظرية السياسية


Image for Quotes

عبد الجواد ياسين quote : داخل الفكر الإسلامي المعاصر، تصر الكتلة السلفية، وهي نواته المركزية، ليس فقط على تبني النظرية بما هي تراث له صلاحياته الإلزامية، بل أيضا تبني التاريخ السياسي الذي أنشأها، والذي لا ينفك عن تاريخ العقل. أما التيار الأكثر تسييسا داخل هذا الفكر فيتعاطى في عمومه منهجية الدفاع المركبة التي تعترف بوجود الاستبداد في (بعض) مراحل التاريخ الإسلامي ولكنها لا تعترف بوجوده في النظرية. <br />ويرجع ذلك إلى الخلط الذي أشرت إليه سابقا بين النظرية وبين مباديء القرآن الكلية في الشورى والعدالة والمساواة. فهي تهب للدفاع عن (نظام الخلافة في الإسلام) باستحضار هذه المباديء الكلية، في حين أن هذا النظام الأخير ليس من صنع هذه المباديء، بل من إنتاج النظام القبلي العربي الجاهلي في حقبته الأولى، ومن إنتاج الواقع الاستبدادي الذي فرضته الأنظمة الملكية اللاحقة في حقبته الثانية. وهو ما صاغته النظرية في جملة من القواعد والأحكام، واصطنعت لخدمته جملة أخرى من الروايات التي لا تمت بأي صلة إلى الشورى والعدالة والمساواة، يتم التعامل معها باعتبارها نصوصا مرفوعة.