Home > Author > عبد الجواد ياسين >

" وإذا كان لفظ الرعية قد استخدم في الإسلام النصي، ففي سياق يستدعي معنى (الراعي) الذي يتحمل مسؤولية الرعاية والحماية، وهو معنى عام لا يقتصر على الحاكم، ففي الحديث النبوي (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). أما مفهوم الرعية في التجربة السياسية الإسلامية وفي الفكر السياسي الموازي لها فيستدعي معنى (المرعِّي) القاصر والعاجز، المحتاج دوما لقوة الحكم وسطوته، ويثبت معنى التدني في الرتبة الذي يستلزم الخضوع والطاعة، وهي المعاني التي أفضت في سياقها العملي إلى تبرير التسلط والقهر وتأصيل الاستبداد الذي كان السمة الأوضح بين سمات الحكم في الدولة السلطانية الإسلامية.
ورغم أن كتب السياسة السلطانية تحفل بنصائح متكررة للملوك حول العدل في الرعية والرفق بها والتجاوز أحيانا عن زلاتها وأخطائها، إلا أن ذلك ينبغي أن يقرأ في إطار الطبيعة البراجماتية للكتابة السلطانية وغرضها الأساسي المتمثل في تدعيم مؤسسة الملك وضمان استقرارها، وفي هذا السياق تبرز أهمية الرعية باعتبارها موضوعا لسلطة الملك، والحفاظ عليها حفاظ على جسم الدولة ومصدر المال الذي يحتاجه السلطان لكفالة الجند والأعوان. "

عبد الجواد ياسين , السلطة في الإسلام - نقد النظرية السياسية


Image for Quotes

عبد الجواد ياسين quote : وإذا كان لفظ الرعية قد استخدم في الإسلام النصي، ففي سياق يستدعي معنى (الراعي) الذي يتحمل مسؤولية الرعاية والحماية، وهو معنى عام لا يقتصر على الحاكم، ففي الحديث النبوي (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). أما مفهوم الرعية في التجربة السياسية الإسلامية وفي الفكر السياسي الموازي لها فيستدعي معنى (المرعِّي) القاصر والعاجز، المحتاج دوما لقوة الحكم وسطوته، ويثبت معنى التدني في الرتبة الذي يستلزم الخضوع والطاعة، وهي المعاني التي أفضت في سياقها العملي إلى تبرير التسلط والقهر وتأصيل الاستبداد الذي كان السمة الأوضح بين سمات الحكم في الدولة السلطانية الإسلامية. <br />ورغم أن كتب السياسة السلطانية تحفل بنصائح متكررة للملوك حول العدل في الرعية والرفق بها والتجاوز أحيانا عن زلاتها وأخطائها، إلا أن ذلك ينبغي أن يقرأ في إطار الطبيعة البراجماتية للكتابة السلطانية وغرضها الأساسي المتمثل في تدعيم مؤسسة الملك وضمان استقرارها، وفي هذا السياق تبرز أهمية الرعية باعتبارها موضوعا لسلطة الملك، والحفاظ عليها حفاظ على جسم الدولة ومصدر المال الذي يحتاجه السلطان لكفالة الجند والأعوان.