Home > Author >
1 " يقول المؤلف في وصف الحب على لسان العجوز:" يسري من الألحاظ ويسلك طريقه في الألحاظ.. ثم يتخذ مستقره في القلوب. هو في أَول أمره رعدة في المشاعر، ودقات بين ألواح الصدر، وتلون على ملامح الوجه. فإذا نما وترعرع فهو برق يستعر وميضه في الأحشاء، تتلظى الجوانح بناره من غير لهب، ويشوى الفؤاد في وهجه من غير جمر. ثم إذا استقر وتمكن فهو نهش وفتك لسويداء القلب، يجرحه بلا مبضع، ويمزعه من غير سنان. فهنالك يشخب دمه منهمراً من العينين، ويذوب الجسم بين بوتقة الحشا وزفرات الصدر. وهنالك لا يغني الطبيب عقاقيره ولا يجدي سوى أن تتضام الروح وتطفأ النار ببرد الوصال "
― , ممو زين: قصة حب نبت في الأرض وأينع في السماء
2 " من الذي يصدق أن المرأة يتم جمالها إلا إذا كان الرجل مرآة ذلك الجمال ، و من الذي يصدق أن الرجل يمكن أن يكون لجماله معنى لو لم تأتِ المرأة لتضع فيه ذلك المعنى؟؟ و هل سمع أحد في الناس أن زهرة قد افتتنت بالزهر أو بلبلاً غنى فوق أعشاش البلابل ؟!!.. "
3 " الصديق..؟ ألا ما أثمن الصديق الي يتسع قلبه المحروم للابتهاج بسعادتك، ويقيم وراء صدره المكلوم عرساً يوم فرحك.هذا الصديق إذا منحتك الدنيا مثله فافده بسائر مظاهرها ومن فيها فإنما هو سراج من أجلك في الظلماء، وهو أمل لقلبك عند اليأس "
4 " الكون كُله منذ فجر الحياة مسرحٌ للصور المتضادة و المظاهر المتناقضة..فهذا الليل و النهار ، و النور و الظلام ، هذه الشمس المتوهجة و الظلال الوارفة، هذا الهجر و الوصال، و المآتم و الأعراس.. هذه المآسي و الأفراح، هذا البؤس و النعيم، هذه الورود الناعمة بين أشواكها الدامية- كل ذلك نماذج لمشهد هذا الكون المتناقض أبدعه الله كذلك ليوجد في كل من الخير و الشر معناه ، و ليستبين كل منهما بالآخر و يتميز كل عنصر بنقيضه ثم لكي تشيع في الكون روح الحركة و الكفاح و لترتبط هذه الخلائق بنظام السعي و التعاون ... "
5 " لا تنس أيها الصبا أن تعود إليّ بغبار من تراب ذلك المكان، عد إليّ ولو بقليل منه، فإن في ذراته رائحة قلبي وبلسم دائي "
6 " دعا ممو ربه وهو السجن فقال:رباه ألست تبصرني؟ألست تبصرني، وأنا عبدك الضعيف؟ كيف أذوب بين كل هذه الآلام التي لا أطيقها..؟!رباه إن عبيدك في الأرض لم يرقّوا لتعاستي وشقائي، وإنما سحقوا جراحي، كما ترى، في التراب، وحرموني حتى من الزاد الذي أتبلغ به في طريق فنائي. فارحمني أنت يا رب، فوحقك لن أتوسل بعد اليوم إلى غيرك، ولن أكب دموعي إلا بين يديك، ولن أتذلل إلأ لجلالك................واشوقاه يا مولاي إلى ذلك اليوم ..! إذ نمضي إلى رحابك، فتمسح بيمين لطفك عن كلينا مدامع الظالمين، وتضمنا بين ذراعي رحمتك، آمنن مقبولين "
7 " يقول المؤلف في وصف من ينصح إنساناً دون أن يعرف سبب حزنه:الشوق نارٌ في الفؤاد لا تزيده النصيحة إلا اتقاداً، وهو سر مستكنّ في الجوانح لا يفيده العتب واللوم إلا افتضاحاً. لا سيما اذا كان هذا الناصح لا يدري سر الحزن والألم فيمن ينصحه، فهو يُلقي على سمعه كلاماً بعيداً عن دنيا قلبه وآلامه، لا ريب أن ذلك لا يزيد في نفسه إلا شعوراً بالغربة وإحساساً بالوحشة والآلام "
8 " حسبك طيشاً أيها القلب، وكفاك ابتعاداً وتوغلاً في المجاهل منفرداً عن قبس روحك وسراجها. فإن الطريق أمامك، ويحك، مظلمة، والهدف أمامك بعيد.إنها ، ويحك، روحك! روحك التي هي جزء منك....أيها القلب عد. عد لا تخدعنك مفاتن الغرور والأصداغ. ولا تصدقن شيئاً من ابتسامات الثغور والشفاه، ولا يأخذنك سحر العيون النجل، أو يجذبنك إشراق الوجوه بين ظلمة الشعور الملتوية.فكل هذا الذي يتألق في عينيك نوره إنما هو نار وجمر، سرعان ما يتوقد عليك لهيباً وتهلك في لظاه "
9 " تقول زين بطلة الرواية وهي مشتاقة لحبيبها :أيتها الأطيار السعيدة: كان لي بينكم في هذا الروض طائرٌ مسكين، أسود الحظ، منكوب الطالع، وقد غاب عنه منذ دهر وحلق في الجوّ منطلقاً ولم يعدّ، أفليس منكم من يدري في أي روض استوطن، وعلى أيّ غصن أقام عشه..؟ وهل فيكم من يحدثني عنه، أهو حي لا يزال يخفق بجناحيه ويغرد فوق أغصانه أم نكبه الدهر مثلي فطرحه وأضناه..؟ "
10 " أيها القلب ، كيف أكلمك ، وعمّ أحدثك ، وماذا أقول ؟ لا أراك إلا مدبراً عني ، لاهياً عن حديثي وصوتي ، كأنك لم تكن يوماً تعرف صاحب هذا الصوت والرجاء "
11 " من ذا الذي - يابنيتي - يصدق أن المرأة يتم جمالها إلا إذا كان الرجل هو مرآة ذلك الجمال، ومن ذا الذي يصدق أن الرجل يمكن أن يكون لجماله معنى، لو لم تأت المرأة لتضع فيه ذلك المعنى؟ وهل أثبت جمال ليلى وفتنة سحرها سوى مجنونها؟ وهل كان ل شيرين أن يتألق في الدنيا حسنها لو لم ينعكس إليها تاج خسرو وسلطانه!.وهل سمع أحد في الناس أن زهرة قد افتتنت بالزهر أو أن بلبلاً غنى فوق أعشاش البلابل؟ "
12 " الهموم إذا لم تجد صاحباً يخفف من آلامها، والزفرات إن لم تصادف مواسياً يبرد من حرها، فأنًّى لصاحب هذه الهموم والزفرات أن يتحمل؟ وأنى للجمل والهدوء أن يجد وسيلة للقلب؟..لا بُدّ للأفراح لكي تصبح مشرقة، ولا بُدّ للأحزان لكي تكون محتملة من صاحب وشريك فيهما. وإلا فما أحرى بالهموم التي تحيط بها الوحشة والانفراد أن تصبح سبباً للهياج والجنون "
13 " إنه في تلك الساعة يكون في مشادة دامية مع قلبه. قلبه الذي أدبر عنه مرة واحدة ولم يعد يتعرف إليه . إنه يظل يخاطبه في توجع شديد قائلاً: "أيها الخائن الغدار .. قل لي .. هل تتذكر .. ؟ هل تذكر العهود والمواثيق والأيمان ، التي كنت يوماً ما تسوقها إليّ جملة واحدة لتؤكد بها مبلغ وفائك وإخلاصك ؟ هل تذكر إذا كنت تقرر لي في شدة وعزم ، بأنك صادق معي في كل أمر ، وأنك مرتبط بي في كل آن ووقت .هل تذكر إذا كنت تفخر أمامي ، مدعياً بملء شدقك أنك ذو بأس عظيم وتحمل شديد في سبيلي ومن أجلي ؟ هل تذكر إذ كنت تقعد لتطلعني على مدى غرامك العجيب بي . ذلك الغرام الذي يستحيل أن يشغلك عنه أي شاغل أو يصرفك عنه أي صارف ؟ هل تذكر إذا كنت تتصنع الكبرياء والصلف على الناس كلهم من أجلي ، وتشعرني بامتهانك لكل من على الأرض في سبيلي؟ أسفا .. أسفا إذ أطرت كل ذلك اليوم بنفخة من غدرك، ونسيته مرة واحدة لأول هوى في نفسك ، وتتركني إلى حيث لا أجد سبيلاً للحاق بك والوصول إليك. ألا قل لي بأي حق أيها الطائر الأهوج الصغير تنطلق إلى حيث تشاء تاركاً ورائك هذه الروح المعذبة في محبسها من هذا الجسد ؟ هذه الروح التي خلقت معها توأمين ، وعشتما معا خير قرينين ، تمد وجودها دائماً بسر من فيضها ، وتبث فيك الإشراق من نورها . حسبك طيشاً أيها القلب . وكفاك ابتعاداً وتوغلاً في المجاهل منفرداً عن قبس روحك وسراجها . فإن الطريق ، وبحبك ، مظلمة . والهدف أمامك بعيد. "
14 " لم يكن سلطان الحب يوماً ما ليجلس فوق عرش القلوب من وراء الستر المرخاة والحجب المسدلة. وليطل وقت اختفائه عن الأنظار والأسماع مهما طال، فلا بدّ أخيراً أن يهتك كل ما يحيط به من حجب، ولا بدَّ أن يتراءى أمام الناس في جبروته القوي، وسلطانه القاهر، ولا بدَّ أن يعلن عن نفسه وعن شوكته سواء أرضي الناس أم غضبوا "
15 " إنها تقرأ في ذلك المظهر الطارئ من السكون والوجوم معنى الفناء والانتهاء الذي ينتظر كل إنسان من وراء ساعات لهوه ومرحه ، "