4
" نعم .. لم نعد نعيش في القرية, بل لم تعد القرية كلها موجودة, ولكن القرية لا تريد ان تتركنا, وأسوء مافي القرية لا يزال يعيش في أعماقنا, ويحكم تصرفاتنا, رغم كل ما تغير ويتغير.
غريبة هي الايام.. يتحدثون عن الأصالة, وأكثرهم لا ينتقون من الأصالة الا أسواء مافي التاريخ .. الأصالة عندهم هي وأد البنات .. ليس بالضرورة ان يكون الوأد ملموساً,فأقساه ما كان وأداً للذات ..مجرمون هم الرجال .. لا .. بل مقصرات هن النساء .. فمن تقبل على نفسها أن تنادى بـ((هيش )) ,تسحق ان تكون اي شي , وان يفعل بها أي شيء,الا أن تكون انساناً "
― تركي الحمد , جروح الذاكرة
16
" حين تضيق بي الأرض وما حوت, وأصل إلى الدرك الأسفل من الاكتئاب وألم النفس والملل من كل شيء, بل عندما أصل إلى مرحلة متدنية من اليأس والشعور بالخواء واللاجدوى وعبثية الأشياء, أقول: عندما أصل إلى هذه اللحظةالتي تبدو في لحظتها سرمدية أبدية, ألجأ إلى الهروب؛ الهروب من كل شيء: من الناس والأشياء, بل من ذاتي ذاتها, ويكون هروبي هذا عن طريق اللجوء إلى التاريخ: أُغرق نفسي بالتاريخ, أقرأه وأجتره وأتمثله فيخف من نفسي ما بها ويبدأ إحساس لطيف لذيذ يسري إلى دهاليز الذات وسراديب النفس موحياً بشيء من السعادة وبعض من الحبور. ألجأ إلى التاريخ فتتضاءل فرديتي أمام زخمه,وتتقزم ذاتي أمام جماعاته, وتندثر نفسي أمام قوانينه, ويتحول عمر الإنسان, كل إنسان, إلى مجرد لحظة عابرة ونقطة ضائعة في لجة من ماء لا أول لها ولا آخر.تمر السنون وتهرول القرون ويندثر أقوام وينشأ آخرون وتجف بحار وتندثر أنهار وتسقط دول وتقوم أخرى لا تلبث أن تسقط بدورها. ويتعانق العبث والمعنى ويتساوى الفرد والجماعة ويتلاحق الإنسان والحيوان, والتاريخ مراقب مشاهد ليس له همّ إلاَّ أن يسير في طريقه غير عابئ بهذا أو ذاك: لا يوقفه صراخ الصارخين ولا عويل الباكين ولا أصحاب التفاؤل أو أرباب التشاؤم.إنه, للحظات, يتبدى وحشاً خرافياً عديم الحس والإحساس لا قيمة لأي شيء في جوفه الرحب برغم أن القيمة, كل القيمة, تكمن في أحشائه ومغاور جوفه. "
― تركي الحمد , ويبقى التاريخ مفتوحا : أبرز عشرين شخصية سياسية في القرن العشرين