Home > Author > >

" البشر يصبحون مجانين مسعورين، ولكنهم يعدون أنفسهم على ذكاء عظيم لم يزعمه البشر لأنفسهم في يوم من الأيام قط ؛ فهم يعتقدون بأنهم معصومين من الزلل مبرّؤون من الخطأ، في أحكامهم، في نتائجهم العلمية، في مبادئهم الأخلاقية والدينية. إن قرى ومدنًا وأممًا بكاملها قد سرت إليها هذه العدوى، وفقدت عقلها. أصبح أفرادها يعيشون في حالة جنون، لا يفهم بعضهم عن بعض شيئًا، لا يفهم أحد منهم عن أحد شيئًا ؛ كل واحد يؤمن بأنه الإنسان الوحيد الذي يمتلك الحقيقة، فإذا نظر إلى الآخرين تألم وبكى ولطم صدره وعقف يديه لوعة وحسرة. أصبح الناس لا يستطيعون أن يتفاهموا على ما ينبغي أن يكون شرًا وما ينبغي أن يكون خيرًا. أصبحوا لا يستطيعون لا أن يدينوا ولا أن يبرؤوا. أصبح البشر يقتل بعضهم بعضًا تحت سيطرة بغض لا معنى له وكره لا يُفهم. هم يجتمعون ليؤلفوا جيوشًا كبيرة، فما أن يدخلوا معركة حتى يندلع الشقاق في جميع الصفوف فتنحل الجيوش، ويأخذ الجنود يهجم بعضهم على بعض، فيَعُض بعضهم بعضًا، ويذبح بعضهم بعضًا، ويلتهم بعضهم بعضًا. في المدن يدق ناقوس الخطر طوال النهار، ويُستنفر الشعب. ولكن ما الذي يستنفره ؟ ولماذا يستنفره ؟ ذلك أمر لا يعرف أحد عنه شيئًا. الرعب يستبد بجميع الخلق. المهن العادية هجرها أصحابها، لأن كل واحد يعرض آراءه وإصلاحاته، وما من أحد يستطيع أن يتفق مع أحد. الزراعة أُهملت إهمالًا تامًا. هنا وهناك يجتمع أناس فيشكلون جماعات ويتهافتون على القيام بعمل مشترك، متعاهدين بأغلظ الأيمان على ألا يفترقوا قط، ولكنهم ما يلبثون أن يشرعوا في شيء لا يمت بأي صلة إلى ما عقدوا النية على القيام به، ثم ما يلبثون أن يأخذوا في التراشق بالتهم، ثم مايلبثون أن يقتتلوا فيذبح بعضهم بعضًا. وتشتعل الحرائق، وتظهم المجاعة. كل شيء يصيبه الدمار، وجميع الناس يهلكون شيئًا فشيئًآ. "


Image for Quotes

 quote : البشر يصبحون مجانين مسعورين، ولكنهم يعدون أنفسهم على ذكاء عظيم لم يزعمه البشر لأنفسهم في يوم من الأيام قط ؛ فهم يعتقدون بأنهم معصومين من الزلل مبرّؤون من الخطأ، في أحكامهم، في نتائجهم العلمية، في مبادئهم الأخلاقية والدينية. إن قرى ومدنًا وأممًا بكاملها قد سرت إليها هذه العدوى، وفقدت عقلها. أصبح أفرادها يعيشون في حالة جنون، لا يفهم بعضهم عن بعض شيئًا، لا يفهم أحد منهم عن أحد شيئًا ؛ كل واحد يؤمن بأنه الإنسان الوحيد الذي يمتلك الحقيقة، فإذا نظر إلى الآخرين تألم وبكى ولطم صدره وعقف يديه لوعة وحسرة. أصبح الناس لا يستطيعون أن يتفاهموا على ما ينبغي أن يكون شرًا وما ينبغي أن يكون خيرًا. أصبحوا لا يستطيعون لا أن يدينوا ولا أن يبرؤوا. أصبح البشر يقتل بعضهم بعضًا تحت سيطرة بغض لا معنى له وكره لا يُفهم. هم يجتمعون ليؤلفوا جيوشًا كبيرة، فما أن يدخلوا معركة حتى يندلع الشقاق في جميع الصفوف فتنحل الجيوش، ويأخذ الجنود يهجم بعضهم على بعض، فيَعُض بعضهم بعضًا، ويذبح بعضهم بعضًا، ويلتهم بعضهم بعضًا. في المدن يدق ناقوس الخطر طوال النهار، ويُستنفر الشعب. ولكن ما الذي يستنفره ؟ ولماذا يستنفره ؟ ذلك أمر لا يعرف أحد عنه شيئًا. الرعب يستبد بجميع الخلق. المهن العادية هجرها أصحابها، لأن كل واحد يعرض آراءه وإصلاحاته، وما من أحد يستطيع أن يتفق مع أحد.
الزراعة أُهملت إهمالًا تامًا. هنا وهناك يجتمع أناس فيشكلون جماعات ويتهافتون على القيام بعمل مشترك، متعاهدين بأغلظ الأيمان على ألا يفترقوا قط، ولكنهم ما يلبثون أن يشرعوا في شيء لا يمت بأي صلة إلى ما عقدوا النية على القيام به، ثم ما يلبثون أن يأخذوا في التراشق بالتهم، ثم مايلبثون أن يقتتلوا فيذبح بعضهم بعضًا. وتشتعل الحرائق، وتظهم المجاعة. كل شيء يصيبه الدمار، وجميع الناس يهلكون شيئًا فشيئًآ.