Home > Author > عبد الوهاب المسيري >

" و أرى أن انتشار الإباحية في العالم الغربی ليست مجرد
مشكلة أخلاقية، وإنما هي ايضا قضية معرفية, فالإباحية هي جزء من هذا الهجوم على الطبيعة البشرية وعلى قداسة . الإنسان، فالرؤية العلمانية الامبريالة طّبعت الإنسان، أي إنه كائنا طبيعياوحسب ، و نظرت إليه باعتباره مادة صرفة والإباحية هي تعبير عن الاتجاه نفسه فتجريد جسد الإنسان من ملابسه هو نوع من نزع القداسة عنه حتى يتحول الإنسان، خليفة الله في الأرض في الرؤي الدينية، ومركز الكون في الرؤى الإنسانية، إلى مجرد لحم يوظف ويستغل بحيث يصبح مصدرا للذة من هذا المنظور، يمكن أن نرى الإبادة النازية لليهود وغيرهم على أنها شكل من أشكال الإباحية أو الإمبريالية الكاملة، فهي حولت البشر إلى صفوف وتلال لحم توظف وينتفع بها، ولذا فنحن نرى أن ثمة تشابها بين اللحظة النازية واللحظة التايلاندية في الحضارة العلمانية، فكلاهما اسقط القداسة عن الإنسان ورآه مادة استعمالية، توظف في أعمال السخرة في المانيا وفي البغاء في تايلاند. بل نذهب أبعد من هذا، ونقول: إن الفارق بين بيوت المسنين في الدولة الديمقراطية وأفران الغاز في الدولة النازية ليس جوهريا، كما قد يبدو لأول وهلة، فكلاهما مكان يودع فيه المسنون باعتبارهم غير منتجين، وبينما يتم التخلص منهم عن طريق التبريد في الدول الديمقراطية، فإنه
!! يتم التخلص منهم عن طريق التسخين في الدول الشمولية "

عبد الوهاب المسيري , الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان


Image for Quotes

عبد الوهاب المسيري quote : و أرى أن انتشار الإباحية في العالم الغربی ليست مجرد <br />مشكلة أخلاقية، وإنما هي ايضا قضية معرفية, فالإباحية هي جزء من هذا الهجوم على الطبيعة البشرية وعلى قداسة . الإنسان، فالرؤية العلمانية الامبريالة طّبعت الإنسان، أي إنه كائنا طبيعياوحسب ، و نظرت إليه باعتباره مادة صرفة والإباحية هي تعبير عن الاتجاه نفسه فتجريد جسد الإنسان من ملابسه هو نوع من نزع القداسة عنه حتى يتحول الإنسان، خليفة الله في الأرض في الرؤي الدينية، ومركز الكون في الرؤى الإنسانية، إلى مجرد لحم يوظف ويستغل بحيث يصبح مصدرا للذة من هذا المنظور، يمكن أن نرى الإبادة النازية لليهود وغيرهم على أنها شكل من أشكال الإباحية أو الإمبريالية الكاملة، فهي حولت البشر إلى صفوف وتلال لحم توظف وينتفع بها، ولذا فنحن نرى أن ثمة تشابها بين اللحظة النازية واللحظة التايلاندية في الحضارة العلمانية، فكلاهما اسقط القداسة عن الإنسان ورآه مادة استعمالية، توظف في أعمال السخرة في المانيا وفي البغاء في تايلاند. بل نذهب أبعد من هذا، ونقول: إن الفارق بين بيوت المسنين في الدولة الديمقراطية وأفران الغاز في الدولة النازية ليس جوهريا، كما قد يبدو لأول وهلة، فكلاهما مكان يودع فيه المسنون باعتبارهم غير منتجين، وبينما يتم التخلص منهم عن طريق التبريد في الدول الديمقراطية، فإنه<br />!! يتم التخلص منهم عن طريق التسخين في الدول الشمولية