Home > Author > عبد الوهاب المسيري >

" ولنلاحظ أن ما تساقط هنا ليست خصوصية قومية بعينها وإنما مفهوم الخصوصية نفسه، وليس تاريخاً بعينه وإنما فكرة التاريخ نفسها، وليس هوية بعينها و إنما كل الهويات، وليس منظومة قيمية بعينها وإنما فكرة القيمة نفسها وليس نوعاً بشرياً بعينه وإنما فكرة الإنسان المطلق نفسها، الإنسان ككيان مركب لا يمكن رده إلى ما هو ادنى منه. لقد اختفت المرجعية، أية مرجعية وظهر عالم لا خصوصيات فيه ولا مركز له. هذا العالم الذي لا مركز له، يسير فيه بشر لا مركز لهم ولا هدف، لا يمكنهم التواصل أو الانماء لوطن أو أسرة، كل فرد جزيرة منعزلة أو قصة صغيرة، فيظهر إنسان استهلاكي أخادي البعد يحدد اهدافه كل يوم، ويُغيّر قيمه بعد إشعار فصير يأتيه من الإعلانات و الإعلام، إنسان عالم الاستهلاكية العالمية الذي ينتج بكفاءة ويستهلك بكفاءة ويُعظّم لذته بكفاءة حسب ما يأتيه من إشاررات وأنماط! هذا هو الحل النهائي في عصر التسوية الذي حل محل الحل النهاي لعصر التفاوت، فبدلاً من الإبادة من الخارج، يظهر التفكيك من الداخل. "

عبد الوهاب المسيري , الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان


Image for Quotes

عبد الوهاب المسيري quote : ولنلاحظ أن ما تساقط هنا ليست خصوصية قومية بعينها وإنما مفهوم الخصوصية نفسه، وليس تاريخاً بعينه وإنما فكرة التاريخ نفسها، وليس هوية بعينها و إنما كل الهويات، وليس منظومة قيمية بعينها وإنما فكرة القيمة نفسها وليس نوعاً بشرياً بعينه وإنما فكرة الإنسان المطلق نفسها، الإنسان ككيان مركب لا يمكن رده إلى ما هو ادنى منه. لقد اختفت المرجعية، أية مرجعية وظهر عالم لا خصوصيات فيه ولا مركز له. هذا العالم الذي لا مركز له، يسير فيه بشر لا مركز لهم ولا هدف، لا يمكنهم التواصل أو الانماء لوطن أو أسرة، كل فرد جزيرة منعزلة أو قصة صغيرة، فيظهر إنسان استهلاكي أخادي البعد يحدد اهدافه كل يوم، ويُغيّر قيمه بعد إشعار فصير يأتيه من الإعلانات و الإعلام، إنسان عالم الاستهلاكية العالمية الذي ينتج بكفاءة ويستهلك بكفاءة ويُعظّم لذته بكفاءة حسب ما يأتيه من إشاررات وأنماط! هذا هو الحل النهائي في عصر التسوية الذي حل محل الحل النهاي لعصر التفاوت، فبدلاً من الإبادة من الخارج، يظهر التفكيك من الداخل.