Home > Author > مصطفى لطفي المنفلوطي >

" واللغوي لا يزال يحوط نفسه بالحذر والخوف، والوساوس والبلابل، فإن مشى خُيِّلَ إليه أنه يمشي على رملةٍ ميثاء، وإنْ تحرك خُيِّلَ إليه أنَّ تحت قدميه حفرةً جوفاء، حتى يقعد به خوفه ووسواسه عن الغاية التي يريد الوصول إليها، على أنَّ الكاتب لا يبلغ مرتبة الكتابة إلا إذا نظر إلى الألفاظ بالعين التي يجب أن ينظر بها إليها، فلم يتجاوز بها منزلتها الطبيعية التي تنزلها من المعاني، وهي أن تكون خدمًا لها وخولًا، وأثوابًا وظروفًا، فإذا كتب تركها وشأنها وأغفل أمرها حتى تأتي بها المعاني وتقتادها طائعةً مرغَمةً، والمعاني هي جوهر الكلام ولبه، ومزاجه وقوامه، فما شغل الكاتب من همته بغيرها أزرى بها حتى تُفلت من يده، فيُفلت من يده كلُّ شيءٍ. "

مصطفى لطفي المنفلوطي , النظرات


Image for Quotes

مصطفى لطفي المنفلوطي quote : واللغوي لا يزال يحوط نفسه بالحذر والخوف، والوساوس والبلابل، فإن مشى خُيِّلَ إليه أنه يمشي على رملةٍ ميثاء، وإنْ تحرك خُيِّلَ إليه أنَّ تحت قدميه حفرةً جوفاء، حتى يقعد به خوفه ووسواسه عن الغاية التي يريد الوصول إليها، على أنَّ الكاتب لا يبلغ مرتبة الكتابة إلا إذا نظر إلى الألفاظ بالعين التي يجب أن ينظر بها إليها، فلم يتجاوز بها منزلتها الطبيعية التي تنزلها من المعاني، وهي أن تكون خدمًا لها وخولًا، وأثوابًا وظروفًا، فإذا كتب تركها وشأنها وأغفل أمرها حتى تأتي بها المعاني وتقتادها طائعةً مرغَمةً، والمعاني هي جوهر الكلام ولبه، ومزاجه وقوامه، فما شغل الكاتب من همته بغيرها أزرى بها حتى تُفلت من يده، فيُفلت من يده كلُّ شيءٍ.