//

كيف تقاوم شهوة التلصص على امرأة، تبدو كأنها لا تشعر بوجودك في غرفتها ، مشغولة
عنك بترتيب ذاكرتها؟
وعندما تبدأ في السعال كي تنبهها الى وجودك، تدعوك الى الجلوس على ناصية سريرها،
وتروح تقص عليك أسرارا ليست سوى أسرارك، واذ بك تكتشف أنها كانت تخرج من
حقيبتها ثيابك، منامتك، وأدوات حلاقتك، وعطرك ، وجواربك، وحتى الرصاصتين اللتين
اخترقا ذراعك.
عندها تغلق الكتاب خوفا من قدر بطل أصبحت تشبهه حتى في عاهته .ويصبح همك، كيف
التعرف على امرأة عشت معها أكبر مغامرة داخلية. كالبراكين البحرية ,كل شيء حدث
داخلك. وأنت تريد أن تراها فقط، لتسألها " كيف تسنى لها أن تملأ حقيبتها بك؟"
ثمة كتب عليك أن تقرأها قراءة حذرة.
أفي ذلك الكتاب اكتشفت مسدسها مخبأ بين ثنايا ثيابها النسائية، وجملها المواربة القصيرة؟
لكأنها كانت تكتب لتردي أحدا قتيلا، شخصا وحدها تعرفه. ولكن يحدث أن تطلق النار عليه
فتصيبك. كانت تملك تلك القدرة النادرة على تدبير جريمة حبر بين جملتين، وعلى دفن قارئ
أوجده فضوله في جنازة غيره. كل ذلك يحدث أثناء انشغالها بتنظيف سلاح الكلمات!
/

يلزمني تقبل فكرة أن كل شيء يولد مقلوبا، وان الناس
الذين نراهم معكوسين، هم كذلك، لأننا التقينا بهم، قبل أن تتكفل الحياة بقلب حقيقتهم في
مختبرها لتظهير البشر.
إنهم أفلام محروقة أتلفتها فاجعة الضوء، ولا جدوى من الاحتفاظ بهم. لقد ولدوا موتى.
ليس ثمة موتى غير أولئك الذين نواريهم في مقبرة الذاكرة. اذن يمكننا بالنسيان، أن نشيع
موتا من شئنا من الأحياء، فنستيقظ ذات صباح ونقرر أنهم ما عادوا هنا.
/

كيف ترد عنك أذى القدر عندما تتزامن فاجعتان ؟ وهل تستطيع أن تقول انك شفيت من
عشق تماما من دون أن تضحك، أو من دون أن تبكي!
ليس البكاء شأنا نسائيا.
لا بد للرجال أن يستعيدوا حقهم في البكاء، أو على الحزن إذن أن يستعيد حقه في التهكم.
/

:"كيف تريدوننا أن نضبط العدسة وعيوننا مليئة بالدموع؟"

/

’’ أثناء هدر عمرك في الوفاء، عليك أن تتوقع أن يغدر بك الجسد، وأن تتنكر لك أعضاؤه.
فوفاؤك لجسد آخر ما هو إلا خيانة فاضحة لجسدك.‘‘
/

اكتب إذن، أنت الذي مازلت لا تدري بعد إن كانت الكتابة فعل تستر أم فعل انفضاح، إذا
كانت فعل قتل أو فعل انبعاث.
لتكتب، لا يكفي أن يهديك أحد دفتراً وأقلاماً، بل لا بد أن يؤذيك أحد إلى حد الكتابة. وماكنت
لأستطيع كتابة هذا الكتاب، لولا أنها زودتني بالحقد اللازم للكتابة. فنحن لا نكتب كتاباً من
أجل أحد ، بل ضده.
/

لم تكن تنقصنا الأنانية، ولا الوصولية، ولا الخيانة، ولا حتى جريمة قتل الرفاق .كانت
تنقصنا السخرية. وكانت تلك فجيعة حياة نضالية محكوم عليها بالانضباط والجدية ,مما جعل
الذكاء والحلم على أيامنا ضرباً من التمرد. منذ زمن وأنا أعاني من نقص في كريات
الضحك.. ولذا أوصلني القهر إلى هنا!
لم أعرف كيف أواصل الحديث إليه. قلت معلقاً:
-إنها الحياة.. كل يواجهها بما استطاع.
قال:
-تقصد.. كل يتخلى عن قناعاته حيث استطاع. تركب القطار البخاري للرفض، وترى رفاقك
خلسة يترجلون الواحد بعد الآخر، وتدري أنك مسافر فيه عمراً واقفاً ، وأنك آخر من ينزل.
ولكن ماذا بإمكانك أن تفعل إن كنت لم تولد على أيام القطارات السريعة!
//

أنت لن تفهم هذا .هذا أمر لا يفهمه إلا من فقد أحد أطرافه. وحده يعاني من "ظاهرة
الأطراف الخفية "إحساس ينتابه بأن العضو المبتور ما زال موجوداً. بل هو يمتد في بعض
الأوقات إلى كامل الجسد. إنه يؤلمه.. ويشعر بحاجة إلى حكه.. أو تقليم أظافر يد لا توجد!
كذلك الأشياء التي فقدناها. والأوطان التي غادرناها والأشخاص الذين اقتلعوا منا. غيابهم لا
يعني اختفاءهم. إنهم يتحركون في أعصاب نهايات أطرافنا المبتورة. يعيشون فينا ,كما
يعيش وطن.. كما تعيش امرأة.. كما يعيش صديق رحل.. ولا أحد غيرنا يراهم. وفي الغربة
يسكنوننا ولا يساكنوننا، فيزداد صقيع أطرافنا، وننفضح بهم برداً!"/>

Home > Author > أحلام مستغانمي >

" لن انتزع منكِ أعواد الثقاب ، واصلي اللهو بالنار من أجل الحرائق القادمة "
//

كيف تقاوم شهوة التلصص على امرأة، تبدو كأنها لا تشعر بوجودك في غرفتها ، مشغولة
عنك بترتيب ذاكرتها؟
وعندما تبدأ في السعال كي تنبهها الى وجودك، تدعوك الى الجلوس على ناصية سريرها،
وتروح تقص عليك أسرارا ليست سوى أسرارك، واذ بك تكتشف أنها كانت تخرج من
حقيبتها ثيابك، منامتك، وأدوات حلاقتك، وعطرك ، وجواربك، وحتى الرصاصتين اللتين
اخترقا ذراعك.
عندها تغلق الكتاب خوفا من قدر بطل أصبحت تشبهه حتى في عاهته .ويصبح همك، كيف
التعرف على امرأة عشت معها أكبر مغامرة داخلية. كالبراكين البحرية ,كل شيء حدث
داخلك. وأنت تريد أن تراها فقط، لتسألها " كيف تسنى لها أن تملأ حقيبتها بك؟"
ثمة كتب عليك أن تقرأها قراءة حذرة.
أفي ذلك الكتاب اكتشفت مسدسها مخبأ بين ثنايا ثيابها النسائية، وجملها المواربة القصيرة؟
لكأنها كانت تكتب لتردي أحدا قتيلا، شخصا وحدها تعرفه. ولكن يحدث أن تطلق النار عليه
فتصيبك. كانت تملك تلك القدرة النادرة على تدبير جريمة حبر بين جملتين، وعلى دفن قارئ
أوجده فضوله في جنازة غيره. كل ذلك يحدث أثناء انشغالها بتنظيف سلاح الكلمات!
/

يلزمني تقبل فكرة أن كل شيء يولد مقلوبا، وان الناس
الذين نراهم معكوسين، هم كذلك، لأننا التقينا بهم، قبل أن تتكفل الحياة بقلب حقيقتهم في
مختبرها لتظهير البشر.
إنهم أفلام محروقة أتلفتها فاجعة الضوء، ولا جدوى من الاحتفاظ بهم. لقد ولدوا موتى.
ليس ثمة موتى غير أولئك الذين نواريهم في مقبرة الذاكرة. اذن يمكننا بالنسيان، أن نشيع
موتا من شئنا من الأحياء، فنستيقظ ذات صباح ونقرر أنهم ما عادوا هنا.
/

كيف ترد عنك أذى القدر عندما تتزامن فاجعتان ؟ وهل تستطيع أن تقول انك شفيت من
عشق تماما من دون أن تضحك، أو من دون أن تبكي!
ليس البكاء شأنا نسائيا.
لا بد للرجال أن يستعيدوا حقهم في البكاء، أو على الحزن إذن أن يستعيد حقه في التهكم.
/

:"كيف تريدوننا أن نضبط العدسة وعيوننا مليئة بالدموع؟"

/

’’ أثناء هدر عمرك في الوفاء، عليك أن تتوقع أن يغدر بك الجسد، وأن تتنكر لك أعضاؤه.
فوفاؤك لجسد آخر ما هو إلا خيانة فاضحة لجسدك.‘‘
/

اكتب إذن، أنت الذي مازلت لا تدري بعد إن كانت الكتابة فعل تستر أم فعل انفضاح، إذا
كانت فعل قتل أو فعل انبعاث.
لتكتب، لا يكفي أن يهديك أحد دفتراً وأقلاماً، بل لا بد أن يؤذيك أحد إلى حد الكتابة. وماكنت
لأستطيع كتابة هذا الكتاب، لولا أنها زودتني بالحقد اللازم للكتابة. فنحن لا نكتب كتاباً من
أجل أحد ، بل ضده.
/

لم تكن تنقصنا الأنانية، ولا الوصولية، ولا الخيانة، ولا حتى جريمة قتل الرفاق .كانت
تنقصنا السخرية. وكانت تلك فجيعة حياة نضالية محكوم عليها بالانضباط والجدية ,مما جعل
الذكاء والحلم على أيامنا ضرباً من التمرد. منذ زمن وأنا أعاني من نقص في كريات
الضحك.. ولذا أوصلني القهر إلى هنا!
لم أعرف كيف أواصل الحديث إليه. قلت معلقاً:
-إنها الحياة.. كل يواجهها بما استطاع.
قال:
-تقصد.. كل يتخلى عن قناعاته حيث استطاع. تركب القطار البخاري للرفض، وترى رفاقك
خلسة يترجلون الواحد بعد الآخر، وتدري أنك مسافر فيه عمراً واقفاً ، وأنك آخر من ينزل.
ولكن ماذا بإمكانك أن تفعل إن كنت لم تولد على أيام القطارات السريعة!
//

أنت لن تفهم هذا .هذا أمر لا يفهمه إلا من فقد أحد أطرافه. وحده يعاني من "ظاهرة
الأطراف الخفية "إحساس ينتابه بأن العضو المبتور ما زال موجوداً. بل هو يمتد في بعض
الأوقات إلى كامل الجسد. إنه يؤلمه.. ويشعر بحاجة إلى حكه.. أو تقليم أظافر يد لا توجد!
كذلك الأشياء التي فقدناها. والأوطان التي غادرناها والأشخاص الذين اقتلعوا منا. غيابهم لا
يعني اختفاءهم. إنهم يتحركون في أعصاب نهايات أطرافنا المبتورة. يعيشون فينا ,كما
يعيش وطن.. كما تعيش امرأة.. كما يعيش صديق رحل.. ولا أحد غيرنا يراهم. وفي الغربة
يسكنوننا ولا يساكنوننا، فيزداد صقيع أطرافنا، وننفضح بهم برداً! "

أحلام مستغانمي


Image for Quotes

أحلام مستغانمي quote : لن انتزع منكِ أعواد الثقاب ، واصلي اللهو بالنار من أجل الحرائق القادمة //

كيف تقاوم شهوة التلصص على امرأة، تبدو كأنها لا تشعر بوجودك في غرفتها ، مشغولة
عنك بترتيب ذاكرتها؟
وعندما تبدأ في السعال كي تنبهها الى وجودك، تدعوك الى الجلوس على ناصية سريرها،
وتروح تقص عليك أسرارا ليست سوى أسرارك، واذ بك تكتشف أنها كانت تخرج من
حقيبتها ثيابك، منامتك، وأدوات حلاقتك، وعطرك ، وجواربك، وحتى الرصاصتين اللتين
اخترقا ذراعك.
عندها تغلق الكتاب خوفا من قدر بطل أصبحت تشبهه حتى في عاهته .ويصبح همك، كيف
التعرف على امرأة عشت معها أكبر مغامرة داخلية. كالبراكين البحرية ,كل شيء حدث
داخلك. وأنت تريد أن تراها فقط، لتسألها " كيف تسنى لها أن تملأ حقيبتها بك؟"
ثمة كتب عليك أن تقرأها قراءة حذرة.
أفي ذلك الكتاب اكتشفت مسدسها مخبأ بين ثنايا ثيابها النسائية، وجملها المواربة القصيرة؟
لكأنها كانت تكتب لتردي أحدا قتيلا، شخصا وحدها تعرفه. ولكن يحدث أن تطلق النار عليه
فتصيبك. كانت تملك تلك القدرة النادرة على تدبير جريمة حبر بين جملتين، وعلى دفن قارئ
أوجده فضوله في جنازة غيره. كل ذلك يحدث أثناء انشغالها بتنظيف سلاح الكلمات!
/

يلزمني تقبل فكرة أن كل شيء يولد مقلوبا، وان الناس
الذين نراهم معكوسين، هم كذلك، لأننا التقينا بهم، قبل أن تتكفل الحياة بقلب حقيقتهم في
مختبرها لتظهير البشر.
إنهم أفلام محروقة أتلفتها فاجعة الضوء، ولا جدوى من الاحتفاظ بهم. لقد ولدوا موتى.
ليس ثمة موتى غير أولئك الذين نواريهم في مقبرة الذاكرة. اذن يمكننا بالنسيان، أن نشيع
موتا من شئنا من الأحياء، فنستيقظ ذات صباح ونقرر أنهم ما عادوا هنا.
/

كيف ترد عنك أذى القدر عندما تتزامن فاجعتان ؟ وهل تستطيع أن تقول انك شفيت من
عشق تماما من دون أن تضحك، أو من دون أن تبكي!
ليس البكاء شأنا نسائيا.
لا بد للرجال أن يستعيدوا حقهم في البكاء، أو على الحزن إذن أن يستعيد حقه في التهكم.
/

:"كيف تريدوننا أن نضبط العدسة وعيوننا مليئة بالدموع؟"

/

’’ أثناء هدر عمرك في الوفاء، عليك أن تتوقع أن يغدر بك الجسد، وأن تتنكر لك أعضاؤه.
فوفاؤك لجسد آخر ما هو إلا خيانة فاضحة لجسدك.‘‘
/

اكتب إذن، أنت الذي مازلت لا تدري بعد إن كانت الكتابة فعل تستر أم فعل انفضاح، إذا
كانت فعل قتل أو فعل انبعاث.
لتكتب، لا يكفي أن يهديك أحد دفتراً وأقلاماً، بل لا بد أن يؤذيك أحد إلى حد الكتابة. وماكنت
لأستطيع كتابة هذا الكتاب، لولا أنها زودتني بالحقد اللازم للكتابة. فنحن لا نكتب كتاباً من
أجل أحد ، بل ضده.
/

لم تكن تنقصنا الأنانية، ولا الوصولية، ولا الخيانة، ولا حتى جريمة قتل الرفاق .كانت
تنقصنا السخرية. وكانت تلك فجيعة حياة نضالية محكوم عليها بالانضباط والجدية ,مما جعل
الذكاء والحلم على أيامنا ضرباً من التمرد. منذ زمن وأنا أعاني من نقص في كريات
الضحك.. ولذا أوصلني القهر إلى هنا!
لم أعرف كيف أواصل الحديث إليه. قلت معلقاً:
-إنها الحياة.. كل يواجهها بما استطاع.
قال:
-تقصد.. كل يتخلى عن قناعاته حيث استطاع. تركب القطار البخاري للرفض، وترى رفاقك
خلسة يترجلون الواحد بعد الآخر، وتدري أنك مسافر فيه عمراً واقفاً ، وأنك آخر من ينزل.
ولكن ماذا بإمكانك أن تفعل إن كنت لم تولد على أيام القطارات السريعة!
//

أنت لن تفهم هذا .هذا أمر لا يفهمه إلا من فقد أحد أطرافه. وحده يعاني من "ظاهرة
الأطراف الخفية "إحساس ينتابه بأن العضو المبتور ما زال موجوداً. بل هو يمتد في بعض
الأوقات إلى كامل الجسد. إنه يؤلمه.. ويشعر بحاجة إلى حكه.. أو تقليم أظافر يد لا توجد!
كذلك الأشياء التي فقدناها. والأوطان التي غادرناها والأشخاص الذين اقتلعوا منا. غيابهم لا
يعني اختفاءهم. إنهم يتحركون في أعصاب نهايات أطرافنا المبتورة. يعيشون فينا ,كما
يعيش وطن.. كما تعيش امرأة.. كما يعيش صديق رحل.. ولا أحد غيرنا يراهم. وفي الغربة
يسكنوننا ولا يساكنوننا، فيزداد صقيع أطرافنا، وننفضح بهم برداً!" style="width:100%;margin:20px 0;"/>