Home > Author > أحمد بهجت >

" خرجت من أحد الشوارع الجانبية فتاة ترتدى المينى جوب الجونلة الصغيرة سوداء والفتاة الطويلة بيضاء والتناقض بين الأبيض والأسود ينبه الحواس
انتبهت حواسى رغم إرادتى , كنا نتسكع بغير اهتمام ونسير على مهل , فلما شاهدنا الفتاة تسرع فى سيرها , زدنا من سرعتنا بغير أن نشعر , أشحت بوجهي عن الفتاة وأنا أستغفر الله ثم عادت عينى تنسرق نحوها وأنا أستغفر الله أيضاً
ما أغرب هذا الشعب يخرج اللص على ضحيته وهو يسأل الله الستر والنجاح تعطى الشريعة لك حق النظرة الأولى , ربما يكون الشئ الذى خرج من الشارع الجانبى أسداً سيأكلك من حقك أن تنظر لتطمئن , النظرة الأولى لك والثانية عليك كما يقول الفقهاء , النظرة الثانية هى التى تخضع لقانون العقوبات الإلهى
هذه النظرة الفاحصة المتأملة المتأنية الدارسة التى تتسكع هنا وهناك وتجمع المعلومات وترتب المقدمات وتستخلص النتائج ثم تشيع بعدها فى الوجه ابتسامة خبيثة كان صديقي الصائم مثلي قد ركز عينيه الحمراوين من اثر الصيام على المنظر امامه واستغرق فى التامل
لاحظت أننا نفذ السير ونحرك أيدينا ونحرك السبح بشكل أسرع قطعاً يبدو منظرنا مضحكاً
قال لى : طار صيامنا
قلت له : ليس لصيامنا أجنحة
وعدنا نتأمل جسد الفتاة الشاحب الأبيض الذى يشبه المرمر
ولاحظت خلال سيرنا أن عدد الذين يتتبعون المينى جوب يزيد مع الوقت كل واحد من السائرين فى الطريق كان يلتفت حوله , ويتأمل يمنينه ويساره, ويتظاهر بأنه ينظر هناك , ويطمئن على أن أحداً لا يراه , بعدها تنسرق عيناه وتموت نظراته عليها
كنا جميعاً نمشى بنفس سرعه الفتاة نحتفظ بالمسافة بيننا وبينها ثابثه
منظر طبيعى من الشارع لكن من سطح اى منزل يختلف منظرنا تماماً , ومن السماء يختلف المنظر أكثر , سيقول الملائكة بامتعاض ان سرباً من الصائمين وراء فتاة ترتدى المينى جوب , توقفت المينى جوب فجأة أمام فترينة
حدث خلل مفاجئ فى السرب الذى يتبعها , اضطربت خطوات البعض وأبطأت خطوات الآخرين أما صديقي وأنا فقد ظللنا على سرعتنا فسبقنا الفتاة وحمل الهواء إلينا رائحة عطرها الغريب
قال صديقى وهو رجل أعزب فاته قطار الزواج :
سوف أتزوج ذات يوم فتاة من هذا النوع
قلت له : هذا النوع مثل قمر الدين يحتاج إلى العملة الصعبة "

أحمد بهجت , مذكرات صائم


Image for Quotes

أحمد بهجت quote : خرجت من أحد الشوارع الجانبية فتاة ترتدى المينى جوب الجونلة الصغيرة سوداء والفتاة الطويلة بيضاء والتناقض بين الأبيض والأسود ينبه الحواس <br />انتبهت حواسى رغم إرادتى , كنا نتسكع بغير اهتمام ونسير على مهل , فلما شاهدنا الفتاة تسرع فى سيرها , زدنا من سرعتنا بغير أن نشعر , أشحت بوجهي عن الفتاة وأنا أستغفر الله ثم عادت عينى تنسرق نحوها وأنا أستغفر الله أيضاً <br />ما أغرب هذا الشعب يخرج اللص على ضحيته وهو يسأل الله الستر والنجاح تعطى الشريعة لك حق النظرة الأولى , ربما يكون الشئ الذى خرج من الشارع الجانبى أسداً سيأكلك من حقك أن تنظر لتطمئن , النظرة الأولى لك والثانية عليك كما يقول الفقهاء , النظرة الثانية هى التى تخضع لقانون العقوبات الإلهى <br />هذه النظرة الفاحصة المتأملة المتأنية الدارسة التى تتسكع هنا وهناك وتجمع المعلومات وترتب المقدمات وتستخلص النتائج ثم تشيع بعدها فى الوجه ابتسامة خبيثة كان صديقي الصائم مثلي قد ركز عينيه الحمراوين من اثر الصيام على المنظر امامه واستغرق فى التامل <br />لاحظت أننا نفذ السير ونحرك أيدينا ونحرك السبح بشكل أسرع قطعاً يبدو منظرنا مضحكاً <br />قال لى : طار صيامنا <br />قلت له : ليس لصيامنا أجنحة <br />وعدنا نتأمل جسد الفتاة الشاحب الأبيض الذى يشبه المرمر <br />ولاحظت خلال سيرنا أن عدد الذين يتتبعون المينى جوب يزيد مع الوقت كل واحد من السائرين فى الطريق كان يلتفت حوله , ويتأمل يمنينه ويساره, ويتظاهر بأنه ينظر هناك , ويطمئن على أن أحداً لا يراه , بعدها تنسرق عيناه وتموت نظراته عليها <br />كنا جميعاً نمشى بنفس سرعه الفتاة نحتفظ بالمسافة بيننا وبينها ثابثه <br />منظر طبيعى من الشارع لكن من سطح اى منزل يختلف منظرنا تماماً , ومن السماء يختلف المنظر أكثر , سيقول الملائكة بامتعاض ان سرباً من الصائمين وراء فتاة ترتدى المينى جوب , توقفت المينى جوب فجأة أمام فترينة <br />حدث خلل مفاجئ فى السرب الذى يتبعها , اضطربت خطوات البعض وأبطأت خطوات الآخرين أما صديقي وأنا فقد ظللنا على سرعتنا فسبقنا الفتاة وحمل الهواء إلينا رائحة عطرها الغريب <br />قال صديقى وهو رجل أعزب فاته قطار الزواج : <br />سوف أتزوج ذات يوم فتاة من هذا النوع <br />قلت له : هذا النوع مثل قمر الدين يحتاج إلى العملة الصعبة