Home > Author > محمد سالم عبادة >

" حكى جدّي لأبي أنه كان يخرج من باب الدار في عز الظهيرة، فيجد (عوض) تارةً ممسكًا جرسًا صغيرًا يقربُه من إحدى عُقَد بطنه ويهزُّه بسرعاتٍ مختلفة، وتارةً يفرك على إحدى العُقَد سنبلةَ قمح، ويدعك بها جلده في إصرارٍ وبُطء، وثالثةً يجد بين يديه يمامةً مستكينةً تدفن منقارها بين عقدتين قرب عانته. كانت ملامحُه تفضحُ ألَمًا يكتنز به جسدُه مع كل فعلةٍ من هذه، لكنّه كان ألَمًا غريبًا تتخلله سكينةٌ تفضحها ملامحُه كذلك! كانت تَنِدُّ منه بين الحين والحين صرخةٌ ملؤها اللوعة، وربما دمعت عيناه في هدوءٍ وربما بكى حتى تشنَّج وهو يَفرُكُ سنبلةَ القمحِ أو يهزُّ الجرسَ أو يربّتُ ظَهرَ اليمامة، لكنّه بين الصرخات يضحكُ حتى يَسيلَ لعابُه، وبين دموعه يبتسم في رضًا، ووسطَ بكائه يقوم ليقفِزَ في الهواء مرتين ويخبط الأرض بقدميه فرِحا! "

محمد سالم عبادة , الناظرون


Image for Quotes

محمد سالم عبادة quote : حكى جدّي لأبي أنه كان يخرج من باب الدار في عز الظهيرة، فيجد (عوض) تارةً ممسكًا جرسًا صغيرًا يقربُه من إحدى عُقَد بطنه ويهزُّه بسرعاتٍ مختلفة، وتارةً يفرك على إحدى العُقَد سنبلةَ قمح، ويدعك بها جلده في إصرارٍ وبُطء، وثالثةً يجد بين يديه يمامةً مستكينةً تدفن منقارها بين عقدتين قرب عانته. كانت ملامحُه تفضحُ ألَمًا يكتنز به جسدُه مع كل فعلةٍ من هذه، لكنّه كان ألَمًا غريبًا تتخلله سكينةٌ تفضحها ملامحُه كذلك! كانت تَنِدُّ منه بين الحين والحين صرخةٌ ملؤها اللوعة، وربما دمعت عيناه في هدوءٍ وربما بكى حتى تشنَّج وهو يَفرُكُ سنبلةَ القمحِ أو يهزُّ الجرسَ أو يربّتُ ظَهرَ اليمامة، لكنّه بين الصرخات يضحكُ حتى يَسيلَ لعابُه، وبين دموعه يبتسم في رضًا، ووسطَ بكائه يقوم ليقفِزَ في الهواء مرتين ويخبط الأرض بقدميه فرِحا!