Home > Author > Mikhail Lermontov >

" - هل هيئتي هيئة قاتل؟
- بل أنت شر من ذلك.
ففكرت لحظة ثم قلت لها وقد بدا على وجهي تأثر عميق:
- نعم، ذلك كان حظي منذ نعومة أظفاري! كان جميع الناس يقرأون في وجهي علامات غرائز شريرة أنا منها برئ، وما زالوا يفترضونها فيّ، حتى نبتت وتأصلت. كنت خجولًا، فاتهموني بالمكر، فأصبحت كتومًا. وكنت أحس بالخير والشر إحساسًا عميقًا، ولكن أحدًا لم يعطف عليّ، بل كانوا جميعًا يؤذونني، فأصبحت حقودًا أحب الانتقام. وكنت حزين النفس، وكان الأطفال الآخرين هدّارين، وكنت أشعر أنني فوقهم، فقيل لي أنني دونهم، فأصبحت حسودًا؛ وكنت مهيأ لأن أحب جميع الناس، فلم يفهمني أحد، فتعلمت الكره. لم يكن شبابي الخالي من الفرح إلا صراعًا مع الناس ومع نفسي. خوفًا من الهزء، دفنت أنبل عواطفي في قلبي، فماتت هنالك. وكنت أحب أن أقول الحقيقة، فلم يصدقني أحد، فأخذت أكذب. وقد تعلمت أن أسبر أغوار الناس، وأن أدرك الدوافع التي تحركهم، فأصبحت بارعًا في فن الحياة، ولاحظت أن غيري ممن لا يملكون هذا الفن كانوا سعداء، ينعمون، من غير جهد، بهذه الخيرات التي كنت أجهد للحصول عليها بلا كلال؛ فولد اليأس في قلبي، لا ذلك اليأس الذي تذهب به رصاصة من مسدس، بل هذا اليأس البارد، العاجز، الذي يختفي وراء سلوك لطيف، وابتسامة طيبة. أصبحت روحي مشلولة. ذهب نصف نفسي: جفّ، تبخّر، مات. قطعته ورميته بعيدًا عني. بينما كان النصف الآخر يتحرك ويتمنى أن يخدم جميع الناس. "

Mikhail Lermontov , A Hero of Our Time


Image for Quotes

Mikhail Lermontov quote : - هل هيئتي هيئة قاتل؟<br />- بل أنت شر من ذلك.<br />ففكرت لحظة ثم قلت لها وقد بدا على وجهي تأثر عميق:<br />- نعم، ذلك كان حظي منذ نعومة أظفاري! كان جميع الناس يقرأون في وجهي علامات غرائز شريرة أنا منها برئ، وما زالوا يفترضونها فيّ، حتى نبتت وتأصلت. كنت خجولًا، فاتهموني بالمكر، فأصبحت كتومًا. وكنت أحس بالخير والشر إحساسًا عميقًا، ولكن أحدًا لم يعطف عليّ، بل كانوا جميعًا يؤذونني، فأصبحت حقودًا أحب الانتقام. وكنت حزين النفس، وكان الأطفال الآخرين هدّارين، وكنت أشعر أنني فوقهم، فقيل لي أنني دونهم، فأصبحت حسودًا؛ وكنت مهيأ لأن أحب جميع الناس، فلم يفهمني أحد، فتعلمت الكره. لم يكن شبابي الخالي من الفرح إلا صراعًا مع الناس ومع نفسي. خوفًا من الهزء، دفنت أنبل عواطفي في قلبي، فماتت هنالك. وكنت أحب أن أقول الحقيقة، فلم يصدقني أحد، فأخذت أكذب. وقد تعلمت أن أسبر أغوار الناس، وأن أدرك الدوافع التي تحركهم، فأصبحت بارعًا في فن الحياة، ولاحظت أن غيري ممن لا يملكون هذا الفن كانوا سعداء، ينعمون، من غير جهد، بهذه الخيرات التي كنت أجهد للحصول عليها بلا كلال؛ فولد اليأس في قلبي، لا ذلك اليأس الذي تذهب به رصاصة من مسدس، بل هذا اليأس البارد، العاجز، الذي يختفي وراء سلوك لطيف، وابتسامة طيبة. أصبحت روحي مشلولة. ذهب نصف نفسي: جفّ، تبخّر، مات. قطعته ورميته بعيدًا عني. بينما كان النصف الآخر يتحرك ويتمنى أن يخدم جميع الناس.